العقد والثعبان
العقد والثعبان ...
أراد رجل طاعن في السن وهو على فراش المۏت أن يعلم ابنه الحكمة وكيف يصنع المعروف خالصاً لوجه الله تعالى ..
فطلب من ابنه ألا يصنع معروفا مع أحد أبداً من الناس ..
وبعد مۏت الرجل وبينما كان ابنه في رحلة صيد ممتطيا جواده وبجانبه سلاحھ رأى نسرا مجروحا لا يتمكن من الطيران أشفق الرجل على النسر فحمله من أجل مداواته في بيته وأصر على أن يطلقه بعد علاجه ..
وفي اليوم الثاني وأثناء رحلة صيد له أيضاً داخل الغابة رأى رجلا فاقدا للوعي مكبلا في جذع شجرة فأشفق عليه ومسح وجهه بالماء وفك قيده وبمجرد أن عاد إليه وعيه حمله الرجل معه إلى بيته وجهز له مكانا خاصا واهتم به اهتماما كبيراً وقدم له كل ما يحتاجه من دواء وكساء وطعام وشراب وراحة ..
وفي اليوم الثالث خرج أيضا للصيد فرأى ثعبانا مريضا فأشفق عليه وحمله إلى بيته لعلاجه ..
بعد أن تماثل النسر للشفاء رفض أن يبتعد عن البيت وفي يوم من الأيام دخل النسر وحط بجوار زوجة الرجل وفي منقاره عقدا جميلاً من اللؤلؤ والماس والياقوت ..
فرحت المرأة بالعقد فرحا كبيرا وهي التي طالما عانت من مرارة الفقر وشظف العيش وكان الرجل المړيض الذي كان في حالة إغماء في الغابة ينظر ويرقب ما حدث باهتمام كبير ..
وبعد أن تماثل الرجل للشفاء غادر المكان بسلام وأمان .. وفي الطريق سمع هذا الرجل مناديا يقول : إن زوجة الملك قد فقدت عقدا لها ومن يخبرنا عن مكانه فله مائة ليرة ذهبية سمع الرجل النداء وقال في نفسه :
مائة ليرة من الذهب وأنا رجل فقير لا املك من حطام الدنيا شيئا وذهب إلى قصر الملك فأخبره بأن العقد الذي تبحث عنه زوجته موجود في بيت رجل صياد وهو الصياد الذي اعتنى به وصنع معه معروفا وآواه وعالجه وأكرمه ..
ذهب رجال شرطة الملك إلى بيت ذلك الصياد الطيب واعتقلوه واتهموه بالسړقة وأعادوا العقد إلى زوجة الملك ثم حكموا عليه بقطع رأسه ..
عرف الثعبان الذي عالجه الصياد الطيب في بيته بالقصة كاملة فأراد أن يقدم لصاحبه خدمة لا ينساها العمر كله مقابل ما خدمه وأحسن إليه عندما كان مريضا في الغابة ..
احتار الجميع في الأمر وكان كل واحد منهم يفكر ويبحث عن مخرج لهذه المصېبة التي حلت بالمملكة ..
قال الوزير للملك : أليس عندنا في السچن رجلا متهماً بالسړقة ومحكوماً عليه بقطع الرأس ..
قال الملك : بلي ..
قال الوزير نحضره إلى هنا فإما أن ېموت من لدغ الثعبان وإما أن ينجي بنت الملك من الثعبان لأنه في كل الأحوال محكوم عليه بالإعدام ..
أحضر الجنود الصياد ووقف بين يدي الملك فطلب منه الملك أن يدخل الغرفة لينجي بنته من الثعبان ..
قال الصياد الطيب أرأيت يا ملك الزمان إن فعلت ذلك فبماذا تكافئني وماذا سيكون جزائي ..
قال الملك : بالعفو وأمنحك العقد هدية لك ..
دخل الرجل غرفة بنت الملك وعندما رآه الثعبان أقبل إليه بهدوء وتسلق إلى كتفيه فحمل الرجل الثعبان وسار به إلى بيته والعقد في جيبه آمنا مطمئنا وقال : لقد حفظ الثعبان المعروف وحفظ النسر المعروف أما الإنسان فلم يحفظ المعروف ..
العبرة :
اصنع المعروف لله ولا تنتظر المعروف من الذي تصنع معروفك اليه ولاتتوقع جزاء الاخرين اليك بمعروفك لإن معروفك لايضيع عند الله فإن الله الذي ينظر ويسمع ويعلم هو الذي خلق الإنسان وأن عمل المعروف مع الإنسان هو من أجل الله رب العالمين وليس من أجل مخلوق ..
اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله فإن لم تجد أهله فأنت أهله فلاتنسى ان تصنع المعروف لله ...