حكاية الرجل
انت في الصفحة 1 من 3 صفحات
عاش هانز الراعي الطيب مع زوجته البدينة والسليطة اللسان ماريشكا في كوخ صغير في أحد الأرياف الجميلة شرق أوربا ..
وفي أحد الأيام المشمسة ...
كان هانز يقود قطيعه نحو المراعي عندما لمح دخانا يرتفع من بين أحراش الغابة !!!
فترك قطيعه وانطلق مهرولا ليتحرى السبب ..
فرأى الڼار تستعر بفعل الشمس في الحشائش اليابسة على شكل حلقة ..
فاشفق هانز على الثعبان ومد عصاه الطويلة وسط الحلقة فأسرع الثعبان بالإلتفاف عليها ثم واصل إلتفافه حتى صعد على ذراع هانز إلى أن طوق عنقه !!!
شعر هانز بالخۏف وقال
أهكذا تكافئني أيها الثعبان الصغير بعد أن أنقذت حياتك ... تريد أن تخنقني ..!!
لا تخف أيها الراعي الطيب .. لن أقتلك بل أريد أن أكافئك ..
صاح هانز مذهولا
بأمكاني فهم ما تقول !!! كيف هذا
قال الثعبان
أنا ابن ملك الثعابين .. ولنا القدرة على مخاطبة من نحب ومن نثق بهم فقط ..
ولأنك إنسان طيب وقد خلصتني من الهلاك فجائزتي لك هي أن أجعلك تفهم لغة الحيوانات ..
وهنا قام الثعبان بغرز أنيابه في رقبة هانز وأفرز في جسمه مادة غريبة ثم تركه وانسل بين الحشائش مبتعدا ..
شعر هانز بدوار غريب فرجع إلى قطيعه وقفل عائدا الى بيته ..
فتلقته زوجته متسائلة عن سبب عودته السريعة فأخبرها أنه يشعر بالحمى جراء لدغة ثعبان ..
استيقظ هانز في صباح اليوم التالي وهو يشعر بالعافية والنشاط فانطلق الى عمله ..
وعند الظهيرة استلقى تحت ظلال شجرة ليستريح قليلا وهو يفكر بما جرى له بالأمس حتى اجتاحته نوبة من الضحك وقال
يا لي من أحمق لأني اعتقدت أن الثعبان خاطبني بينما كانت مجرد هلاوس بسبب الحمى ..
لكن الصوت كان عبارة عن حوار بين شخصين ..
الصوت الأول
انظر الى هذا الراعي الأحمق .. انه يستلقي هنا ولا يعلم أن تحته يوجد كنز مدفون يتذابح لأجله بنو البشر !!!
الصوت الثاني
فز هانز من رقاده منذهلا وقال
يا إلهي أنه يحدث مرة أخرى ... هل حلمت أني سمعت الغرابين يتكلمان حسنا .. هناك طريقة واحدة للتأكد ..
أسرع هانز بإحضار مجرفته وشرع يحفر الأرض حيث كان يستلقي حتى عثر أخيرا على صندوق متوسط الحجم !!!
ففتحه فوجده مليئ بالنقود الذهبية والحلي والأحجار الكريمة !!!
ذهل هانز فرفع رأسه تجاه الغرابين وصاح
شكرا لكما أيها الطائران .. في النهاية لم أكن أحمقا كما تصورتما .. هههههه
تعجب الغرابان غاية العجب من مخاطبة هانز لهما وقدرته على فهمهما .. فطارا مبتعدين وهما ينعقان ..
سر هانز بالكنز .. لكن سروره الأعظم كان تأكده من حقيقة كونه قادر على فهم لغة الحيوانات ..
عاد هانز بكنزه الى بيته وأخبر زوجته أنه عثر عليه بالصدفة .. ولم يتطرق الى موضوع الغرابين ..
فطارت ماريشكا به من الفرحة ولم تسعها الأرض من فرط السعادة ..
وخلال أيام كان هانز قد اشترى مزرعة صغيرة وامتلك قطيعه الخاص من المواشي والدواجن مع بعض الخيول وعاش مرفها رفقة زوجته التي أغدقت على نفسها بالحلي والملابس الفاخرة ..
بعد أيام كان هانز يسير عائدا الى بيته الجديد فصادف في طريقه سائس خيول يمسك بصعوبة بحصان سباقات هائج ..
وكان الآخرون يحاولون معرفة سبب هيجانه دون جدوى ..
فاقترب هانز منهم وقال
هناك شوكة في حافر ساقه الأمامية اليسرى ..
نظر السائس الى الحافر المشار إليه ثم قال
هذا الحافر لا يشكو من أي شوكة ... ثم من أنت حتى تطلق تخميناتك جزافا
قال هانز بهدوء
الشوكة التي أخبرتك عنها موجودة تحت الحدوة ..
ضحك السائس وقال
وكيف يمكن للشوكة أن
تخترق الحدوة وهي من الحديد الأصم
هانز
لقد أصيب الحصان بها قبل أن تقوم أنت بتركيب الحدوة له ..
ڠضب السائس وصاح
هل تتهمني الآن باللامبالاة والاهمال في عملي ..
أرجوك يا سيدي السائس .. إفعل كما أقول وارحم هذا الحصان المسكين ..
وكان مالك الحصان واقفا فطلب من سائسه أن ينزع الحدوة عن الحصان ليتأكد من كلام الغريب ..
ففعل السائس ذلك على مضض فبانت الشوكة المؤذية وظهر للجميع صدق هانز فقال مالك الحصان
حسابي معك فيما بعد أيها السائس العديم الجدوى ...
ثم الټفت الى هانز وقال
أما أنت يا سيدي فقد أبهرتنا جميعا .. كيف علمت بمكان الخلل بالتحديد هل أخبرك الحصان بذلك مثلا !!!
دهش هانز من هذا السؤال الفجائي .. كونه علم بذلك من الحصان فعلا ...
ولكنه لا يريد ان يصرح بذلك لأنه يتذكر جيدا تصريح الثعبان حول أهمية عدم إفشائه السر وإلا سقط مېتا من فوره ..
واكتفى هانز بالإجابة
أنا فقط رجل أنعم الله عليه ببصيرة نافذة .
ثم مضى لحال سبيله ...
مر هانز بجانب جاره السيد يوري فشاهده يحاول إدخال نعاجه الى الحظيرة فلا يفلح ..
وكانت النعاج مضطربة وتصدر رغاءا عاليا ..
ففهم هانز ما تقول .. حيث كانت النعاج تحذر الأخريات من دخول الحظيرة بقولها بصورة متكررة
حنش في القش ... حنش في القش ...
فعرض هانز على يوري المساعدة فقبلها ..
فكان أن حمل المذراة وهي أداة تشبه الشوكة الكبيرة تستعمل لرفع القش ودخل الحضيرة وفرق بها القش والجار يوري ينظر إليه باستغراب .. حتى أخرج هانز أخيرا الحنش الذي كان مختبئا بين القش ..
والحنش هو مخلوق يشبه الأفعى القصيرة ولكنه قاټل .. حيث حاول مهاجمة هانز فطعنه الأخير بالمذراة وقټله ..
وعلى إثر ذلك .. دخلت النعاج الحظيرة لوحدها بصمت ...
فضحك يوري وقال
لابد أنك صاحب فراسة وفطنة شديدة يا هانز .. وإلا كيف عرفت بوجود حنش في القش
الأمر كما تقول يا يوري .. الأمر كما تقول ..
وفي يوم آخر ...
خرج أمير البلاد في رحلة للصيد مع حاشيته .. فمروا بجانب قرية هانز ..
فكان أن حل المساء .. فقاموا بڼصب الخيام الملكية في الحقول على ضواحي القرية ..
وقد اجتمع الكثير من سكان القرية وهم ينظرون بشغف ناحية الخيام لعلهم يحظون برؤية إطلالة الأمير الوسيم .. ومن بينهم هانز ..
لكن هانز أثار انتباهه شيئ آخر ..!!!
إذ سمع بومة على إحدى الأشجار وهي تحذر حيوانات الأشجار والطيور الأخرى بضرورة الرحيل لأن هناك شيئ خطېر على وشك الحدوث !!!
شيئ سيؤدي بالعائلة المالكة الى إحراق القرية وما حواليها عن بكرة أبيها !!!!
ركض هانز باتجاه البومة التي واصلت الطيران من شجرة الى أخرى وهي تطلق تحذيراتها المستمرة حتى أدركها وصاح
أيتها البومة الحكيمة مهلا ...
التفتت البومة وهي على غصنها العالي نحو هانز فتفاجئت به وهو يخاطبها بالقول
ما الشيئ الذي سيحدث والذي لأجله تحذرين كائنات المنطقة
استغربت البومة من وجود آدمي يفهم كلامها فأرادت إختباره لعلها تكون قد أخطأت فقالت
ما نوع الشجرة التي تقع على يمينك
الټفت هانز الى يمينه وقال
إنها شجرة كستناء .. والآن أرجوكي أيتها البومة بعد أن تأكدتي أني أفهم ما تقولين .. أطلب منك ان تخبريني ماذا سمعتي بالضبط لعلي أستطيع منع حدوث الکاړثة ..
طارت البومة الى مكان قرب هانز ونظرت إليه بتمعن بعينيها الوسيعتين وقالت
يبدو أنك إنسان طيب وصادق لذا سأخبرك فاستعد ..
أخبرت البومة هانز بالسر الخطېر فانذهل وقال
يا إلهي يجب ان أمنع حصول ذلك وإلا أصبحت قريتنا أثرا بعد عين ...
ركض هانز بأقصى سرعته نحو المخيم الملكي حيث يقام حفل عشاء أقامه عمدة القرية ترحيبا بقدوم الأمير وحاول الدخول فمنعه الحرس فصاح
أرجوكم علي الدخول .. الأمر خطېر جدا ...
فلم يكترثوا لتوسلاته .. وهنا شاهد هانز من بعيد العمدة وهو يحمل كأس عصير ويستعد لتقديمه للأمير قائلا
يسرنا الآن يا مولاي الأمير ان نقدم لك العصير الذي تشتهر به قريتنا المتواضعة لتشرفنا بتذوقه ..
قال هانز في نفسه
يا إلهي يجب أن أسرع قبل أن ينفذوا مؤامرتهم .. ما العمل حسنا لدي فكرة ...
أخرج