قصه وعبره
( ثمن مشروب غازي يحيي نفساً ويجعله داعية لله )
قصة حقيقية مؤثرة :
ذكر الداعية عبد الرحمن السميط رحمه الله هذه القصة فيقول:
كنت أقف ذات يوم فوجدت سيدة إفريقية تبكي وتنتحب وتتوسل لأحد الأطباء القائمين على مساعدة الأطفال الصغار وعلاجهم فى بعثتنا في افريقيا، وللحق تأثرت لشدة إصرار الأم وتمسكها بتحقيق مطلبها !!
فتحدثت مع الطبيب فقال لي: إن ابنها الرضيع فى حكم المېت ولن يعيش، وهي تريدني أن أضمه لأعداد الأطفال الذين سنرعاهم، وما سأنفقه عليه من مال لا طائل منه؛ إنه طفل لن يعيش إلا لأيام، والمال أولى به غيره .
فقال : نظرت لي الأم والطبيب يحكي لي بنظرات توسل واستعطاف، فقلت للمترجم : اسألها كم تحتاج من المال كل يوم ؟
فقالت له المبلغ، فوجدته ثمن مشروب غازي في بلدي !!
فقلت : لا مشكلة سأدفعه من مالي الخاص، وطمأنتها
فأرادت تقبيل يدي فمنعتها، وقلت لها: خذي هذه نفقة عام لابنك، وعندما تنفذ؛ أشرت لمساعدي وقلت : هو سيعطيك ما تحتاجينه، ووقعت لها على صك لتصرف به المبلغ المتفق عليه.
تمر الشهور والسنوات، وللحق أنا اعتبرته فعلاً طفلاً ميتاً، وما فعلته كان فقط لتهدئة الام المسكينة خاصة وهي حديثة عهد بالاسلام، ونسيت الموضوع برمته.
بعد أكثر من 12 عام كنت في المركز وحضر أحد الموظفين وقال لي: هناك سيدة افريقية تصر على لقائك وأتت عدة مرات
فقلت له : أحضرها
فدخلت سيدة لا أعرفها ومعها طفل جميل الوجه هادئ، وقالت لي: هذا ابني عبد الرحمن أتم حفظ القرآن وكثيراً من أحاديث الرسول، وحلمه أن يصبح داعية للإسلام معكم !
تعجّبتُ، وقلت لها : ولماذا تصرين على هذا الطلب مني؟
ولم أكن أفهم شيئا ونظرت للطفل الهادئ فوجدته يتحدث العربية وبلغة جيدة فقال لي : لولا الإسلام ورحمته ما كنت حياً وأقف بين يديك الآن؛ فقد حكت لي أمي قصتك معها وإنفاقك علي طيلة مدة طفولتي، وأريد أن أكون تحت رعايتك، وأنا أجيد اللغة الافريقية وأعرفها تماماً، وأحب أن أعمل معكم كداعية لله ولا أحتاج إلا طعامي فقط، وأحب أن أسمعك تلاوتي للقرآن .
وأخذ يتلوا آيات من سورة البقرة بصوت شجي، وعيناه الجميلتان تنظران إلي متوسلة أن أوافق، وهنا تذكرت، وقلت : هل هذا هو ذلك الطفل الذي رفضوا ضمھ للرعاية ؟!
فقال : نعم نعم، ولذلك أصرت أمي أن تقدمني لك بل ولقبتني باسمك عبد الرحمن .
يقول الدكتور السميط : قدماي لم تحملني، خررت على الأرض وأنا شبه مشلۏل لهول الفرحة والمفاجأة، وسجدت لله وانا أبكي وأقول :
( ثمن مشروب غازي يحيي نفساً ويرزقنا بداعية لله نحتاجه )
هذا الطفل أصبح من أكثر دعاة إفريقيا بين قبائلها شهرة وقبولاً لدى الناس.
كم هي جميلة جنة الله
وكم التقرب لله سهل
وكم من صدقة قليلة أحدثت تغييراًا كبيراً في حياة ناس كثيرين وجعلتهم أكثر سعادة
وكم نحن مسرفون بلا هدف .