الرجل الحكيم
قصة الرجل الحكيم
يحكى أنه في زمن ليس ببعيد ، كان يوجد رجل يعمل في مجال التجارة ، وفي يوم من الأيام ، أرسل ذلك التاجر ابنه إلى رجل ، يعد أفضل ، وأحكم الرجال في العالم أجمع ، وكان السر في إرسال التاجر ابنه ، إلى ذلك الرجل الحكيم ، هو أن يتعلم ابنه سر السعادة منه .
انطلق الفتى ، وسار في طريقه ، حتى قطع مسافة بالغة الطول ، مضى على رحلة الفتى حوالي أربعين يومًا متواصلين ، وعقب تلك المدة ، وصل الفتى بأمن ، وأمان ،وما كان منه ، إلا أنه قد وجد نفسه بصدد قصر غاية في الروعة ، والتصميم ، والجمال ، يسر الأعين ، ويؤسر القلوب ، حيث كان بهي الطلعة ، رفيع المنظر ، شامخ التراز ، ومن الممتع أن القصر كان مبني ، ومشيد على قمة عالية لجبل مرتفع ، وشاهق للغاية .
بعدما وصل الفتى إلى مقر القصر الرائع ، والبهي ، قام الناس بإخباره أن ذلك القصر ، هو المقر الذي يسكن فيه الحكيم الذي يسأل ، ويبحث عنه ، فرح الفتى فرحًاشديدًا للخبر الذي سمعه ، وعلى الفور ، دخل الفتى إلى الحكيم ، في قصره الشامخ ، ولما دخل الفتى ، فوجئ بأن القصر يجب بالناس ، ويتضمن أعدادًا مهولة من الأشخاص ، كلهم قد أتوا ، حتى يتمكنوا من استشارة الحكيم في أمورهم المتفاوتة ، والمتعددة .
ظل الفتى منتظرًا ، لمدة ساعات طوال ، حتى يأتي دوره ، الذي يتوق إلى أن يحين موعده سريعًا ، وأخيرًا ، حان دور الفتى ، فلما مثل الفتى أمام الحكيم ، سأله عن أسرار السعادة ، وفيم تكمن ؟ كان الحكيم ينصت إلى الصبي باهتمام بالغ ، وانتباه شديد ، ثم نظر إليه ، قائلًا : ” أيها الصبي ، الآن لا يتسع المقام ، ولا الوقت ، كي أجيبك عن سؤالك ، ولذلك رجاء ، قم بالتجول في القصر ، إلى أن أفرغ من عملي ، ويمكنك العودة إلي ، بعد ساعتين من الآن ” .
وهم الحكيم ، وأتى بملعقة صغيرة ، بها الضئيل من الزيت ، وأوصى الفتى بأن يمسك بتلك الملعقة ، أثناء تجوله في القصر ، دون أن يتركها ، ونبهه من أن يسكب الزيت من الملعقة ، في أرجاء القصر ،
بالفعل ، سمع الصبي كلام الحكيم ، وبدأ يتجول في قصر الحكيم ، وخلال تجوله في القصر ، كان يضع كل همه ، وتركيزه على الملعقة ، حتى لا ينسكب منها شيء ، وبعد مرور ساعتين ، عاد إلى الحكيم ، فسأله الحكيم : ” هل شاهدت التحف الثمينة التراثية ، التي لا زلت أحتفظ بها ؟ وأنواع الزهور التي تجمل الحديقة البهية ؟ ولاحظت كم الكتب الرفيعة ، الموجودة في مكتبتي ؟ ” .
ارتبك الصبي ، وأخبره بأنه لم ينتبه لكل ذلك ، فكان جل تركيزه على الملعقة ، فطلب منه الحكيم ، أن يتجول مرة أخرى في القصر ، فتجول الصبي ، وانتبه كثيرًا إلى الأشياء التي حدثه الحكيم عنها ، واستمتع بها ، وعاد إلى الحكيم ، وسرد إليه جميل ما رآه ، فسأله الحكيم عن الزيت ، فنظر إلى الملعقة ، فوجد الزيت قد انسكب ، من دون انتباه ، فأخبره الحكيم أن سر السعادة يكمن في الاستمتاع بالحياة ، دون انسكاب الزيت ، وهو الأخلاقيات ، والدين ، والعمل ـ والصحة …