السبت 23 نوفمبر 2024

رسائل

موقع أيام نيوز

رسائل 

وصلتني بصندوق رسائلي بعض الرسائل كان من ضمنها رسالتين إحداهما تُدمي القلب والأخرى بلسم يشفيه، أما الأولى فكانت :

-فقط أحتاج أن تكون السند والأمان .

كانت كلمة زوجتي كلما اشتد الخلاف بيننا فتتهمني بقسۏة القلب لأني لا أحتويها فأقول :
-أنا رجل يأتي بالطعام والشراب والملبس فماذا تحتاحين أكثر ؟

فتقول في ألم :
=لا أريد سوى أن تحنو عليّ وقت ضعفي ، أن تربت على كتفي وقت وهني ، أن تضمني لصدرك وكأني ابنتك لتُشعزني بتلك الأبوة التي فقدتها منذ زمن  .

فلم يكن يعجبني حديثها المُدلل وأتركها وأذهب حتى ما عُدت أطيق كل هذا ، فذهبت لبيت أهلها كي تُشعرني بخلو البيت منها فلم أسأل فطلبت الانفصال  ، لكن لم أتنازل أبدًا وأذهب إليها لاصطحابها وتطييب خاطرها فلو تنازلت لاعتادت ذلك ! ، مرضت أمها مرضًا شديدًا فلم أسأل وتركتها لتشعر بقيمتي هي الأخرى ، ټوفيت أمها وبعد أسبوع اتصلت تطلب مني أن نعود من جديد فلا أحد لها سواي ! ، لكن وقتها ولا أدري لمّ قلت ذلك حيث قلت :

-ألم تطلبي الانفصال ! ، ستصلك ورقة الطلاق .
بكت حينها وهي تقول :
=لو فعلتها سأموت من الوحدة .

والحقيقة لم أبالي أبدًا وفي نيتي أني أؤدبها كيلا تُكرر دلالها الزائد والرحيل عن بيتي وطلب الانفصال ، لكنها وقبل أن يمضي الشهر تُوفيت اثر أزمة قلبية ، تُوفيت من الوحدة التي أكلت قلبها وأماټه الحُزن . 

والآن وقد مضت سنة كاملة لا أنام وأبكي ليل نهار على مافعلته بها لكن لا علاج لما أنا فيه أموت بالبطيء بتأنيب الضمير حيالها .

وأما الثانية فكانت : 
-سعادتي مُرتبطة دائمًا بوجودك .
كانت كلمة زوجتي لي في كل يوم ، تزوجتها يتيمة الأب والأم وقامت جدتها على تربيتها حتى تزوجت مني ، فكنت أحاول جاهدًا أن أُعوضها عما فقدته طويلًا من حبٍ وحنان ، حتى أني كنت يوميًا أعود من عملي وأُمسك في يدي قطعة من الشيكولاتة المُفضلة لديها فيتهلل وجهها فرحة حيال هذه القطعة البسيطة ، فأقول :

-فماذا ستفعلين لو أتيت بعلبة كاملة ؟
فتقول وهي تضغط على راحة يدي :
=يكفي أنك تذكرني ، يكفي أنك تُحاول اسعادي ، يكفي وجودك بحياتي .

إن استاء مزاجها لحظة أُذكرها بالذكريات الجميلة وأُداعبها فيرق قلبها ، وإن رأتني وضغوط العمل فوق رأسي تفعل معي كما أفعل ، لسنواتٍ طويلة ونحن على هذا العهد ما تغيرنا أبدًا ، أنجبنا صبي وفتاة يتكون جمال وجههم من الراحة النفسية والسعادة التي تُغطي منزلنا المُعطر دائمًا بقربنا من الله وتسارعنا نحو الطاعات إضافة للحب الذي يُحيط بنا ، كُنت لها السند والأمان وكانت لي كل حياتي .

شتان مابين الأولى والثانية فالأول صنع منها مريضة نفسية بعناده وتسلطه وفراغ قلبه من الرحمة والآخر صنع من حياتها حياة أخرى بحبه ومراعاة الله في قلبها .