الإثنين 25 نوفمبر 2024

قصه شيقه

انت في الصفحة 2 من صفحتين

موقع أيام نيوز


فأجابه قائلا: أمي عجوز كبيرة .. وأختي عمياء حسيرة ..وهما تصومان كل يوم وآتي لهما بالإفطار .. ثم نفطر جميعا ثم ننام.
فقال الأمير: ومتى تستيقظ؟ فقال: إذا نزل الحي القيوم إلى السماء الدنيا - يقصد أنه يقوم الليل. فقال: هل عليك من دين؟ 
فقال: ذنوبٌ سلفتْ بيني وبين ربي. 
فقال: ألا تريد معيشتنا؟ 

فقال: لا والله .. لا أريدها. 
فقال: ولم؟ 
فقال: أخاف أنْ يقسو قلبي وأن يضيع ديني. 
فقال الأمير: هل تفضل أن تكون حمّالا على أن تكون معي في القصر؟ 
فقال: نعم والله. 
فأخذ الأمير يتأمله وينظر إليه مشدوها .. وراح الحمّال يلقى عليه مواعظ عن الإيمان والتوحيد .. ثم تركه وذهب.
وفي ليلة من الليالي .. شاء الله أن يستيقظ الأمير .. وأن يستفيق من غيبوبته .. وأدرك أنه كان في سبات عميق .. وأن داعي الله يدعوه لينتبه. فاستيقظ الأمير وسط الليل وقال لحاشيته: أنا ذاهب إلى مكان بعيد ..أخبروا أبي الخليفة المأمون أني ذهبت .. وقولوا له بأنّي وإياه سنلتقي يوم العرض الأكبر. قالوا: ولم؟ فقال: نظرتُ لنفسي .. وإذ بي في سبات وضياع وضلال .. وأريدُ أن أُهاجر بروحي إلى الله. 
فخرج وسط الليل .. وقد خلع لباس الأمراء ولبس لباس الفقراء .. ومشى واختفى عن الأنظار .. ولم يعلم الخليفة ولا أهل بغدادأين ذهب الأمير؟! وعهد الخدم به يوم ترك القصر أنه راكب إلى مدينة واسط،كما تقول كتب التاريخ، وقد غير هيئته كهيئة الفقراء .. وعمل مع تاجر فيصنع الآجر (الفخار). فكان له ورد في الصباح يحفظ القرآن الكريم .. ويصوم الأثنين والخميس .. ويقوم الليل ويدعو الله عز وجل .. وما عنده من مال يكفيه يوما واحدا فقط. فذهب همه وغمه .. وذهب حزنه وذهب الكبر والعجب من قلبه. ولما أتته الۏفاة .. أعطى خاتمه للتاجر الذي كان يعمل لديه ..وقال: أنا ابن الخليفة المأمون .. إذا متُ فغسلني وكفني واقبرني .. ثم اذهب لأبي وسلمهُ الخاتم. فغسله وكفنه وصلى عليه وقپره .. وأتى بالخاتم للمأمون .. وأخبرهُ خبره وحاله .. فلما رأى الخاتم شهق وبكى الخليفةالمأمون .. وارتفع صوته .. وبكى الوزراء .. وعرفوا أنه أحسن اختيارالطريق...؟!

انت في الصفحة 2 من صفحتين