السبت 21 سبتمبر 2024
تم تسجيل طلبك بنجاح

حكاية العصفور وزهرة النرجس

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

موقع أيام نيوز

الفتية وصحوة النهار التي كان ينطلق بعدها في رحلته اليومية المرهقة ما بين الحدائق والبساتين ليجمع أعوادا جديدة من الزهور الندية ..
حتى كان أن جاء يوم..
حط العصفور كعادته على شباك ابنة الغجري فرآها ما تزال نائمة على غير عادتها في حلم الأمس الدافئ فوضع إليها هديته وانطلق محلقا دون أن يسمع صوتها المسحور.. غير ملق بالا إلى ما طرأ عليها من تغير وإن التقطت بصيرته العميقة بعض الثقل الذي يحمله الهواء المحيط بها لكنه قاوم هواجس الضعف وتحامل على جناحيه محلقا نحو الأفق وقد قرر في نفسه شيئا لما تأكد له ما يعتري روحها من ألم فدار حول البيت مرتين أو ثلاث ثم انطلق جهة الشرق عابرا النهر قاصدا بستان بعيد كان يعرفه منذ زمن إذ أنه قد اختار أن يعود لها غدا ببضعة أعواد من زهرة النرجس التي لا تنمو إلا في ذلك البستان البعيد . صحيح أنه لا يدرى بالضبط لماذا هذه الزهرة بالذات اليوم ولكنه بذل جهده في الحصول على أعداد منها رغم بطء طيرانه اليوم بعدما ألم به صباحا من إجهاد مفاجئ بسبب ثقل الهواء حول محبوبته.. وفى اليوم التالي عاد العصفور متأخر فيما بعد الغروب بقليل ليواجه موقفا غريبا لم يفهم له تفسيرا ذلك انه وفى طريق عودته أدرك حدسه نقطه الوصول ولكنه لم يرى شيئا لا البيت القديم ولا لفه النخيل ولا حتى البوابة المكللة بالصدأ . ! فهل أخطأ حدسه في حساب المسافة !. إنها لو حدثت ستكون سابقه أولى في حياته .. وهكذا طار وطار طيران الحائر الذي أضاع عنوان مكان أصبح فيه وأمسى مكان هو عشه الحميم ومأواه الأخير .. ولم يصدق فحلق هذه المرة إلى أقصى ارتفاع ممكن ورمى بنظره من عينيه يقيس المسافة ويحدد الأبعاد فيما قد اشتدت أعصابه النافرة محاولا التركيز فضيلته الرئيسية فهو من وصفه الكاتب الفرنسي ميشيليه بأنه القمة السامية للتركيز الحي.. ها هي .. نخلته القريبة. والبيت القديم .. ولكن أين الشباك . لم يعد هناك شبابيك ترى!. فالمكان كله قد غرق في أضواء وألوان مبهرة تقطعها خطوط وأسلاك وكريات ملونة بلا حصر.. ولم يكن عليه سوى الهبوط إلى أسفل حتى يستطيع الوقوف على ما تم والفعل ألقى بنفسه جهة المنزل بسرعة هائلة وهو يكتم أنفاسه الصغيرة ويبتلع ريقه مخافة أن ينفتح منقاره فتسقط منه زهرة النرجس التي قضى في سبيل الحصول عليها يوما بأكمله..
لكن الأمر لم يكن سهلا فالبيت المسيج قد أحيط بألوان متعددة من الحواجز المبهرة التي تغشى العيون والآذان أيضا إذ كان كلما يقترب يطارده صوت لفرقعة مدوية أو ضربات طبل أو صرخات نسائية غريبة علاوة على ملاحظتها في حالة العمى

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات