في قديم الزمان
الربح
مرت عشرة أيام إشترى خلالها عبد الصمد بضائع مختلفة من صندل وأبنوس وعطور وعاج وجاء تجار آخرون فاكتروا مكانا في المركب وبعد شهر وصلوا البصرة فالتقى حبيب بامه التي فرحت برجوعه وملأ الدكان بما حمله من توابل الهند وراجت تجارته وصارت له ثلاثة دكاكين في السوق وغير داره وسكن في حي راقي لكي لا يراه أحد من أهل حارته الذين عرفوه وقت فقره وصار يتهرب حتى من الشيخ عبد الصمد ...
لكن الشيئ الوحيد الذي لم ينساه هي أميمة وفي بعض الأحيان لما يختلي بنفسه يبكي كلما يتذكر ضحكتها العذبة كانت أمه تعرف ما يحس به من ألم وقالت له سأخطب لك فتاة جميلة من معارفي وستنسى تلك الحورية لكن لما حضرت تلك الفتاة لم يجد فيها ما يعجب فهي كبقية البنات لا يهمها سوى ما سيأتيها به من حرير وحلي ..
يا ابن البصرة يا حبيب
لقد حزن قلبي
ولم ينفع فيه علاج
ولا دواء طبيب
سأموت إن لم تراك عيناي
روحي تناديك
فهل للنداء من مجيب
إستيقظ الفتى وتعوذ بالله فلقد كان الحلم حقيقيا لدرجة أنه شم رائحة البحر فبكى بكاءا عظيما وأيقظ أمه وطلب منها أن تعد أمتعتها للرحيل فسألته مندهشة إلى أين يا إبني أجابها إلى جزر الوقواق قالت ومنذ متى أقدر على ركوب البحر ثم ما الذي دهاك لتطلب مني ذلك في وسط الليل !!! أجابها لقد رأيت حلما أفزعني كانت فيه تلك الحورية ټموت قالت وما شأننا بها كان على أبيها أن يفكر قبل أن يرفض زواجك منها !!! رد عليها كفي عن النقاش وأسرعي بإعداد نفسك سنبحر في الساعات الأولى للفجر قالت المرأة وتجارتك لمن ستتركها أجاب سأقفل الدكاكين لحين عودتي هذا إذا عدت !!! همت أمه بالكلام لكنها صمتت فهي تعلم عناد إبنها وإذا وضع شيئا في رأسه فلا أحد يثنيه عن ذلك في الفجر جاء العبيد ونقلوا أكياسا من التمر والزاد وكثيرا من الملابس والهدايا من الذهب والفضة ثم رفع البحارة الأشرعة وبدأت السفينة تتهادى فوق الماء .
عانت أم حبيب كثيرا من دوار البحر وكانت غاضبة منه وطول الوقت وهي رابطة رأسها من الۏجع وكلما رأته وبخته على ضعف تدبيره فبعدما كان من أعيان البصرة ها هو يفسد كل شيئ من أجل حورية وجدها في البحر وليست من جنسه لكنه.
كان يجيبها وماذا ينفع المال يا أمي