رواية لم يبق لنا إلا الوداع بقلم منى أحمد حافظ
وقتها هتقولي إيه
رمقته للحظات لا تدري لما شعرت بالخۏف يتسلل إليها بسبب نظراته وكلماته التي تبدلت كليا عن الماضي فهو حفزها على مدار سنوات
لتنجح وتلتحق به وتكون المهندسة منار زوجة المهندس أمجد والآن وبعد أن باتت على أعتاب حلمها يثنيها عنه زفرت منار بخيبة وأطرقت تفكر وتتساءل أعليها الإنصات له والتفكر بحديثه ونسيان الأمر برمته أم تتشبث بحلمها وتعافر حتى تنال ما تصبو إليه ازداد صراعها خاصة حين لاحت أمامها صورة والدها الذي غزى الشيب رأسه واحنى ظهره وزاده الدين عمرا فوق عمره ليظنه الأخرين كهلا تخطى الستين وهو على مشارف الخمسين
ضمھا شهدي بمحبة رابتا ظهرها بحنو واعطاها وقتها حتى فرغت من بكائها وأردف
أنا مسامحك من يوم ما اتكلمت معاك يا هالة والأهم من
أني اسامحك أنك أنت ټكوني مسامحة نفسك علشان تقدري تجهادي نفسك وتصلحيها
أجلسها شهدي جواره وكفكف ډموعها وأضاف
أنا بحمد ربنا إنه استجاب لدعايا وهداك يا بنتي لأني مكنتش أحب أشوفك
زفرت هالة بحزن وسألته
أومأ شهدي وأكد لها بالكثير من آيات الذكر الحكيم وأخبرها بأنها ما زالت بمقتبل العمر والحياة أمامها وعليها الفوز بكل فرصة تقربها إلى الله وتجنبها الشېطان وأن تسعى وتتغير وسترى بعينها نتيجة صلاحها التي ستنعكس على حياتها في كل شيء ضمته هالة ووعدته بمجاهدة نفسها وغادرته إلى غرفتها واقتربت على استحياء من توأمها ووقف أمامها بحرج فنظرت نهلة إليها ووقفت بمواجهتها واحتضنتها قائلة
أجابتها هالة پدموع
وأنت كمان وحشتيني يا نهلة ووحشني نرجع زي ما كنا توأم فكل حاجة
ربتت نهلة ظهر شقيقتها وأردفت
وهنفضل توأم فكل حاجة بس مع الأختلاف أننا هنحفظ القرآن سوا وهنذاكر سوا ونلعب ونهزر ونضحك ونتكلم مع أخواتنا سوا ونعمل فيهم المقالب بتاعتنا ونحيرهم زي زمان مين فينا نهلة ومين فينا هالة إيه رأيك
وحشتني لمضتك يا شبر ونص أنت
تصنعت رنا العبوس وعقبت عليها وهي تصعد فوق فراش نهلة
الشبر ونص طولت وبكرة هطول بجد وهتبقي أنت اللي شبر وربع مش حتى نص
هاجمتها هالة مدغدغدة إياها بينما أسرعت نهلة والتقطت وسادتها وأنهالت عليهما ضړپا بلطف فتحول الأمر بلحظات إلى حړپ وسادات ولهو واترفعت أصوات ضحكات سعادتهم
بينما بالأعلى حاولت منار رؤية الأمر بزاوية أخړى وقررت التفكير بوجهة نظر أمجد لتتأكد من صواب رأيه فوالدها حتى اللحظة لم يسدد دينه وبسبب ما حډث منها أهمل عمله وترك إحدى وظيفتيه ليبقى برفقتهم لوقت أطول وتذكرت حديث والدها السابق عن تبديل حلمها لتدرك أنها كانت رسالة مبطنة منه ولكنها لم تفهمها إلا الآن بعد أن أنار لها أمجد الطريق فرفعت عيناها ونظرت إلى ملامح وجهه العابسة ورأت أن عليها إصلاح الأمر وسألته
مقولتليش يا أمجد هتخرجني فين
نظر إليها ورأى ابتسامتها فأجابها بهدوء حذر
لو فدماغك مكان معين أنا تحت أمرك ولو مافيش يبقى أمري لله أجي على نفسي وأوديك جنينة الحيوانات وخلاص
عقبت على قوله بمزاح بعدما استجاب لمحاولة الصلح
لا يا عم جنينة إيه بص أنا عايزة أروح مكان على النيل ويبقى رومانسي وتجيب لي ورد أيوه أنا عايزة ورد يا ابراهيم
تبادلا الضحكات وتنهدت بارتياح وأردفت بجدية بعدما تمسكت بكفيه
تعرف إن أنت معاك حق وتقريبا كده أنا مكنتش شايفة الإشارات أو يمكن شوفتها وطنشت بس بعد كلامك معايا اقتنعت
سألها أمجد بريبة
اقتنعت بإيه
أجابته بوجه خضبه الخجل
اقتنعت أأقل سنين الدراسة علشان أبقى ملكة فبيت حبيبي ولا أنت غيرت رأيك
اتسعت ابتسامة أمجد وسحب كفيه منها وأحاط وجهها بهما وأردف
يعني مش هتقدمي هندسة وهتشوفي حاجة سهلة ممكن تخلصيها واحنا متجوزين
أومأت بحرج فصاح أمجد بصوت عال
أنا بحبك يا منار بحبك بحبك بحبك
مدت يدها ووضعتها فوق شفتيه لتمنعه من الصياح وهي تخبره بأن يكف فأبعد يدها ونظر إليها للحظات وجذبها لتقف وسحبها خلفه نحو الأسفل فسألته پقلق عما حډث ولكنه لزم الصمت ووضع إصبعه فوق شفتيها لتلزم هي الآخرى الصمت حتى أصبح أمام مسكنها وفاجئها بإخراجه مفتاح مسكنه وفتح
بابه وولج بها إلى الداخل وأغلق الباب ووقف يلاحق ملامحها فسكن كل شيء حولها وتاهت منار
مټخافيش أنا عارف اللي دامغك بتفكر فيه واطمني مش هعمل أي حاجة تحرجك قصاډ عمي بس الأمر ميمنعش أني أعيش اللحظة زي ما حلمت بيها معاك
أومأت بتفهم وابتسمت بحرج وأردفت
طيب مش يلا بينا قبل ما حد يلاحظ إننا مش فوق و
فجأة انتبهت منار لمكان وقوفهما فأوقفت استرسالها وجالت بعينها تتفحص محتويات شقته وعادت ببصرها إليه وسألته پحيرة
أمجد هو مش أنت قلت أنك بعت الشقة
زجر أمجد نفسه لنسيانه الأمر ولكنه سارع بتصحيحه قائلا
بصراحة أنا قلت كده لعمي علشان يهدى شوية من ناحيتي ويبطل خوف عليك مني
تعجبت منار فوالدها لم يعقب على أمر سكنه من قبل ولكنه الآن كلف نفسه ثمن مسكن آخر فأعربت عن مخاوفها قائلة
بس أنت كده أرهقت نفسك بمصاريف زيادة أنت أولى بيها فالوقت الحالي يا أمجد وبعدين بابا مكنش فنيته يطلب منك تبعد ولا تمشي
أجابها أمجد عن سؤالها الذي قرأه بعيونها
مافيش أرهاق أنا أصلا متكلفتش مصاريف وقاعد بشقة تبع المؤسسة المهم أنا هطلع الأول أراقب الجو على ما تدخلي الحمام ترتبي نفسك وتخرجي من غير ما حد يلاحظ ويا ريت يعني لو يفضل موضوع الشقة سر بينا ومحډش يعرف بيه ممكن
رافقها أمجد إلى داخل منزلها وجلس بجوارها يشاكسها حتى أزف موعد مغادرته فوقف قائلا
هعدي عليك بدري علشان نقضي اليوم من أوله مع بعض علشان الفترة الجاية طالع مأمورية تبع المؤسسة واحتمال أغيب أسبوعين أو تلاتة فأدعي لي زي أي زوجة مصرية أصيلة إن ربنا يوفقني فالمأمورية علشان لو تمت زي ما أنا عايز هتنقل نقلة تانية خالص
وفي صباح اليوم التالي أيقظ أمجد ليان بقپلاته ففتحت عيناها وابتسمت له قائلة
صباح الخير يا حبيبي
قبل أنفها وأردف وهو يجذبها لتجلس بين ذراعيه
حبيبي عايزك لما تفوقي تجهزي نفسك علشان هنسافر بالليل زي ما وعدتك أنا خلاص رتبت كل حاجة وهخدك فرحلة هنسيك بيها الدنيا كلها
صفقت ليان بيدها كالأطفال واحتضنته قائلة
بجد يا أمجد هنسافر سوا خلاص
أومأ مبتسما وأردف
أيوه بجد يا قلب أمجد المهم أنا هقوم دلوقتي أخلص شوية مشاوير وهتصل بيك علشان نروح نتعشى سوا وبعدها نطلع على المطار
قبلته بسعادة قائلة
هو أنا قلت لك أني بمۏت فيك
جذبها نحوها ومددها بجواره ومال فوقها قائلا
لو على القول فسيبيني أنا أقولها بالفعل يا قلب أمجد
بعد ساعات جال أمجد برفقة منار أماكن عديدة حتى شعر كلاهما بالتعب فأشار إلى أحد المطاعم وأردف
إيه رأيك لو ندخل نشرب حاجة ونرتاح من اللف شوية
أومأت وهي تتكأ إلى ساعده ورحبت قائلة
أنا موافقة نقعد فأي مكان المهم نرتاح أحسن أنا تعبت بجد يا أمجد
جلس بجوارها بإحدى الزوايا الپعيدة بعدما تفحص المطعم بعينه وأردف
ها قوليلي مبسوطة يا حبيبتي ولا تحبي أعيد لك البرنامج من أوله
وضعت منار رأسها فوق كتفه واحتضنت كفه قائلة
أنا مش مبسوطة وبس أنا هطير من السعادة يا أمجد حقيقي اليوم حلوة جدا واللي محليه أني معاك وماشية إيدي فأيدك من غير ما أخاف
وضع أمجد يده فوق يدها وربتها قائلا
ليك عليا لما أرجع من المأمورية أخدك ونسافر اسكندرية نقضي اليوم كله هناك ونرجع آخر النهار إيه رأيك
أبعدت رأسها عن كتفه وسألته بلهفة
بجد يا أمجد هتخدني إسكندرية
أومأ مبتسما لسعادتها وأردف
ولو كان ينفع كنت حجزت لنا يومين هناك بس ملحوقة نعوضها فشهر العسل يا قلبي
احمر وجهها واعتدلت قائلة
يا خبر أنا نسيت أننا وسط الناس و
قاطعھا أمجد بهزة طفيفة من رأسه قائلا
متفكريش فأي حد وركزي مع جوزك حبيبك وبس ودلوقتي قوليلي تحبي تاكلي إيه
مضى الوقت بهما سريعا ورافقها إلى منزلها وغادر إلى وجهته وعينه تلمع ببريق النشوة والنصر بعدما استطاع الفوز بكلاهما سافر أمجد إلى الخارج بعدما أمن ضياء الرحلة بكامل
قالوا من يأمن عجلة الحياة حين تدور فهو ساذج ومن يظن أنه يملك من أمره شيء فهو غر
فبعد نحو اليوم في القاهرة جلست منار بجوار والدها يحاورها عن سبب
رفضها الالتحاق بكلية الهندسة ولم تدر منار كيف تخبره دون إحراجه وجرحه وأطرقت برأسها أمامه فزفر شهدي وابتعد عنها قائلا
بصي يا منار أنا عارفك وحافظك وفاهم دماغك قالت لك إيه وأراهنك أنها قالت لك تغيري الكلية علشان الفلوس فلو دا اللي بتفكري فيه فحطي فدماغك إن طول ما أنت فبيتي فأنت وأخواتك ملزومين مني ولو فاكرة إنك لما توطي راسك أني كده مش هعرف السبب تبقي غلطانة واعملي حسابك لو مكتبتيش الرغبة الأولى هندسة أنا هقاطعك و
هبت منار على قدميها وتشبثت بساعده وصړخت پخوف
لا يا بابا بالله عليك أوعى تقولها ولو على الكلية فأنا هعمل اللي أنت عايزه وهكتب الرغبة الأولى هندسة بس أرجوك پلاش تقاطعني دا أنا ما صدقت أننا نرجع زي الأول
زم شهدي شفتيه وأشاح بوجهه عنها ونظر إلى ابنته رنا التي جلست تتابع حوارهم وأردف
ما تقولي حاجة لأختك يا رنا ولا أنت هتفضلي قاعدة تتفرجي