اشترى ابى لى سياره
📚 قصه وعبرة 📚
يقول الاخ :ـ
عندما بلغت السنة الثالثة من المرحلة الجامعية اشترى لي والدي، حفظه الله ورعاه وأمد في عمره وبارك في عمله، سيارة جديدة.
وكنت وقتها مزهوا ببراعتي في القيادة والمراوغة والتخييط بين السيارات في دقة وسرعة دون أن أصطدم بأحد.
وذات يوم استوقفني رجل كبير على قارعة الطريق لأوصله في طريقي.
ركب الرجل بجانبي وظل يراقب قيادتي دون أن ينبس ببنت شفة، وأنا اتباهى أمامه بكل ما ذكرته آنفا.
إلى أن وصلنا إلى مبتغاه وهم بالنزول ...
الټفت الرجل إلي وقال:
أي بني، جزاك الله عني خيرا ولا أملك مكافأة لك على صنيعك معي إلا الدعاء والنصيحة.
فقلت له: أما الدعاء فاجعله غيبا، وأما النصيحة فأت بها.
فقال الرجل أي بني، حافظ على رصيدك من الستر.
فإني أراك تبعثر منه كثيرا !!!
أي بني، إياك أن تظن أنك إن وصلت مبتغاك سالما معافى أنت وسيارتك فبفضل سرعتك وبراعتك في القيادة.
لا ..... بل لأنه لايزال لديك رصيد من ستر الله يصرف عنك المصائب.
لكن هذا الرصيد سينفد يوميا ما مثله مثل المال إن لم تحسن استخدامه فيما يفيد !!!
فقلت وكيف يمكنني معرفة رصيدي من الستر؟
فقال على عكس المال لا يمكنك معرفة رصيد الستر إلا بعد نفاده ولكن يمكنك زيادته باستمرار.
قلت وكيف يمكنني زيادته ؟؟؟
فقال بالتزام السکينة في القيادة
وإفساح الطريق للغير ابتغاء مرضاة الله
وأن لا تربك عجوزا يقود سيارة أو امرأة بقيادتك هذه.
وأن تعطي الطريق للمشاة للمرور بطمأنينة
وأن تعتذر لغيرك ان أخطأت في القيادة.
هذا كله يصب في رصيد سترك.
أما السرعة والتهور والاجتيازات والتخييط بين السيارات فكلها تسحب من رصيدك إلى أن تأتي اللحظة التي تفقد فيها كل شيء وعندها لن تغني عنك براعتك شيئا !!!
وقعت هذه الكلمات من ذلك الرجل الستيني والذي علمت فيما بعد أنه كان يعمل سائقا للشاحنات الكبيرة على مدي أربعين عاما أو يزيد، أي قرابة ضعف عمري في ذلك الوقت، وقعت في قلبي كالصاعقة فزلزلتني وقلبت كل مفاهيمي رأسا على عقب.
حينها فقط قررت أن أستثمر رصيد الستر ليس في بنك
قيادة السيارة وحدها بل في كل مناحي الحياة.
في الدراسة، بالاجتهاد والتحصيل العلمي ومساعدة الزملاء والتواضع لهم وللأساتذة حسبة لله.
في العمل، بالكد والتفاني والإخلاص فيه وحسن المعاملة مع الرؤساء والمرؤسين والعملاء حسبة لله.
مع الوالدين، ببرهما والإحسان إليهما.
مع الإخوة، مع الزوجة، مع الأبناء، مع الجيران،
مع كل من له حق علي أسأل عنه أمام الله يوم القيامة.
تعلمت أن أحدث بنعم الله دون أن أتباهى بمالي أمام فقير ولا بصحتي أمام عليل ولا بشهاداتي أمام أمي بسيط.
لأن واهب النعم قادر على نزعها في أي وقت.
لا أدعي المثالية ...
فأنا لم أبلغ الكمال ... ولن أبلغه ...
ولكني اجتهدت جهد مُقِلِّ ...
وجئت إلى خالقي وبارئي ببضاعة مزجاة ...
لعله يوفي لي الكيل ويسبغ علي ستره ويكرمني بعفوه وهو أكرم الأكرمين.
وأنت أخي الحبيب ...
وأنت أختي الكريمة ...
ترى هل يعلم أحدكم كم رصيده في مصرف الستر ؟؟؟
*يوم في حياتي لن أنساه*