لعبة عاشق بقلم يسرا
آذانها.. شركة زياد سليم بقت ملكك رسميا وقانونيا..وهكذا سقط أول بيدق في معركتها نحو الملك تكاد لا تتخيل رد فعله إحدى شركات إمبراطورية سليم وقعت في يد الخصم خصومة امتدت لسنوات طويلة بين والدها ووالده خصومة ظنت بعقلها الفتي وقتها أنها ستتحول لأسطورة كأسطورة رميو وجيوليب غير أن لسذاجة عقلها ظنت أن نهايتها ستكون مختلفة هي بالفعل كانت نهاية مختلفة إذ لم يختنق جاسر بالسم ولا هي ابتلعته مضحية بحياتها وراءه ولكن عوضا عن ذلك اختنقت هي بكبرياء جريحة إثر هجرانه لهاكأي إمرأة مرت بحياته من قبل والآن وفي تلك اللحظة بالتحديد تشعر بأنها قد ثأرت لكرامتها فهي واثقة بأن جاسر إن اضطر فسوف يجوب الأرض إثرها فقط ليسترجع ماهو له ولكن لكل شيء ثمن.
.. على فكرة كده خطړ
رفعت حاجبها المنمق ودون أن تلتفت له قالت
.. خطړ على مين
أردف بنبرة عملية
.. عليكي وعليا ولازم أعرف أنت بتفكري في إيه
التفتت له أخيرا وقالت بجدية
.. أنت بتفكر في أيه
رد سريعا
.. جاسر سليم مش هيسكت وهيقلبها عاليها واطيها
ابتسمت له بسعادة بالغة لتقول بحالمية
نظر لها بحيرة بالغه وهم ليعترض ولكنها باغتته قائلة بصرامة
.. بكره تروح لزياد ومعاك مذكرة قانونية تأمره فيها بأنه يخلي مكتبه في الشركة وإني استغنيت عن خدماته
لقد انتصف الليل وأكثر وهي لازالت جالسة فى سريرها الواسع لا يسعها النوم وقد احتلت الأفكار والمخاۏف حيزا لا يستهان به من دماغها الذي لا يهدىء لحظة هي تعلم حق المعرفة بأنها تهرب بأفكارها العملية من التفكيير فيه وبتصرفاته الغير مألوفة مؤخرا تركز بعملها أكثر وأكثر وتغيب بأرقامها عن واقعها لطالما كانت هكذا دوما تهرب من مشاعرها المحبطة بأي عمل يشغل يديها ويحتل جزءا يسيرا من عقلها في الماضي كانت تنشغل بالطهي وترتيب المنزل لتهرب من التفكيير بمشاكلها التي كانت لا تنتهي مع زوجها الراحل هذا الوسيم الذى يطل عليها بنظراته الحزينة بصورته التي تحتل الحائط المقابل لسريرها وقد خلت جدران المنزل وأركانه بالكامل من أي ذكرى له سوى تلك البقعة لم تكن بطبيعتها إمرأة عاطفية ولا ضعيفة كانت عملية لأقصى حد فهي فتاة وحيدة تربت على يد رجل عسكرى أنف الزواج بعد رحيل والدتها حتى وصلت للثمانية عشرة من عمرها وفاجائها حينها برغبته بالاقتران بمطلقة تصغره بعشرين عاما قد وقع في غرامها ! لم تتفهم كيف لرجل وهو على مشارف الستين عاما بأن يقع صريعا للهوى كيف وهو العسكرى القوي الصارم الذي لم ترى ابتسماته قط إلا في لحظات نادرة تنطلق قهقهاته كلما تشارك المجلس مع تلك المرأة كانت غاضبة وحانقة وبشدة إذ تمكنت تلك المرأة في وقت قصير للغاية من تغيير حياة أبيها بالكامل فتحول من رجل عبوس ضيق الخلق عملي لأقصى حد دوما لضاحك باسم حالم بل ومتفاعل أيضا حاولت كثيرا تفهم التغييرات التي طرأت على والدها ولكنها لم تتفهم أبدا رحيلها عن شارعها وأصدقائها والإنتقال لحي آخر بعيد صاخب وكانت هي الفتاة الجديدة وبشعرها المعقود وملابسها المحتشمة اجتذبت ناظريه فورا وهو الشاب العابث الذي أذاب قلوب عذروات الحي ظل يطاردها لعام كامل ولكنها كانت دوما تصده وهي تحلم بالسفر لخارج البلاد تجتهد بدراستها لعلها تنال منحة لإحدى الجامعات الأجنبية وعندما نالتها أخيرا وقف أبيها في طريقها مانعا إياها من السفر وتحقيق حلمها ومررت عقابه ولم تدري بأنها فى الواقع تعاقب نفسها وتعاقب هذا العابث فوافقت على الزواج منه بعدما مل ملاحقتها بين أورقة الطرقات لتبدا ماسآة من نوع آخر زيجة كانت فيها هي الرجل قبل الأنثى لمهندس حالم طموح ولكنه ضيق الأفق فيضيع من يده فرصة تلو الأخرى ليرحل عن الحياة مبكرا تاركا إياها وحيدة بين ثلاثة صغار وديون تكبلها لبقية عمرها ورفضت بإباء أن ترضخ لمحاولات أبيها المستمرة بالتدخل وحمل تلك الأعباء عنها فهذا يعني أنها تعود مجددا لعباءته التي طرحتها منذ زمن وفضلت الإستقلال بأبنائها وبمعيشتها متحملة مسئوليتها بالكامل فضلت الحرية وها هو ينال من حريتها بأفكار عبثية وبدقات قلب خائڼة لا تنكر أنها تمتعت بحب زوجها الراحل ولكنها لم تفهمه قط فكيف لكلمات معسولة وأبيات شعر مرسلة أن تقبض على أوتار إلا بالحب الفعلى وهي لا تومن الأفعال هي المترجم الوحيد لمشاعر الحب الغامضة فالإهتمام والعطف فعل والود والألفة فعل والشغف والجنون أيضا فمل لا تلك الرسومات البائسة التي تمتلىء بهم الصناديق أسفل سريرها ولا أبيات الشعر التي كتبها فى خصلاتها وعيناها وقدها وسط دفاتر التى تحتل الرف الأخير من خزانتها طرقات ضعيفة تنمو على باب غرفتها فابتسمت بحنان وهي تقول
فتح الباب وأطلت نظرات صغيرها حزينة فعبست بشدة وقالت
.. مالك يا أيهم
دخل خطواتان وهو يقول
.. الدنيا شتيت على سريرى
تهدل كتفها وابتسمت له بحنان وقالت
.. كدهطب تعالى ننشفك وننشف سريرك
فقال بإبتسامة ضيقة خجولة
.. أنا نشفت نفسى خلاص
نظرت للساعة جوارها فوجدتها الثانية صباحا وهي فعليا مجهدة الجسد والفكر فقالت
قفز الصغير مرحبا بدعوة أمه بين أحضانها وهو ينظر لصورة والدة الباسم ويقول
.. تصبح على خير يا بابا
لأجل تلك الكلمات هي لم تستطع حمل صورته بعيدا ولأجل تلك الكلمات أيضا هي ستطرد