قصه وعبره
انت في الصفحة 2 من صفحتين
يُتَّبع.
ولأنهما كانا في حالة هُدنة ، مَضَتْ بضعةُ أشهرٍ بعد ولادتها، كنفس أشهر حملها ، فقد تجَنَّب الحديثَ معها خشيةَ أن يؤذي ڠضبها ولي العهد وهو جنين في بطنها ، وبنفس الوقت قد تَجَنَّبَتْ أن تقوم بأيّ فعلٍ قَدْ يُثيرُغَضَبَهُ خشيةَ أن يمد يده عليها تُودي بحياة جنينها ، فقد كان سبب قبولها للزواج وخسارةَ دلالِ عائلتها ، هو أن تُصبحَ أماً .
اعتادا على ذلك الحال ، لحينِ جاء اليوم الذي أيقنَ بهِ أنه قد تعرَّضَ لعملية ڼصب في عمله ، فعاد إلى المنزل وهو يستشيظ غضباً ، وكان عازماً ألا يُخبرها خشية أن تَتَفوَّه بكلمة ساخرة تجعله يودي بحياتها ، فدخل كالمعتاد في وقت الغداء ليتفاجأ أنها لم تطهو شيئاً، فَرَمْجَرَ غاضباً:
-أين الطعام يا عديمة الفائدة.
فكانت آخر كلمتين كفيلتين بإعادة تذكيرها بطبيعتها التي اعتادَتْ عليها ، فصرخَتْ قائلة:
-من عديمة الفائدة ، يا صاحب اللسان الطويل ، لو عَرِفْتُ أنكَ قليل التهذيب لما تزوجتك.
كانت تلك الجملةِ كفيلةً بجعلهِ ينقلبُ لرجل آخر ، فأصبح يوبخها بلا وعي واستمر مد يده لها وقتاً لم يأخذهْ قط، مما جعل الجيران يهرولون بسبب صوتها العالي وكادوا أن يكسروا الباب وهم يقولون :
- اتق الله لديكما ولد .
مما جعلهُ يعود إلى رشده بلحظة وفتح الباب فهرولت النساء إليها وعندما رأَيْنَها مُلقاةً على الأرض وقد أوشكت أن يُغمى عليها وهي عاجزة عن الحركة ، نَقَلْنَها إلى المشفى مع أزواجهن الذين كانوا بانتظارهنَّ عندَ الباب ، وزوجها واقفٌ كتمثالٍ مُحَنَّط من هول الصدمة ،فحمَلَت إحدى الجارات ابنه ووقَفَتْ مع زوجها كي تتصل بأم جارتها لأنها كانت على معرفةٍ بها.
هَروَلَت عائلتها إلى المشفى ، التي كانت قد طلبت الشرطة للتحقيق ، وعندما شَهِدَ الجيران أنَّ زوجها الجاني ، قاموا بالقبض عليه ، وزَجّه بالسجن.
وبعد أنْ حَدَّدَ الأطباء وقتاً إنْ لم تصحو خلالهُ ستدخلُ بغيبوبةٍ ربما أبدية ؛ أفاقَت بأعجوبة ، وكأنها كانت تُعاركُ لكي تعيش كي لا تدع ابنها يحيا بدونها .
مضت ساعاتٌ استرجَعَت المرات التي قام بمد يده عليها بها لحين آخرمرة ، ورأت أنها كانت تُهانْ لرفضها أن تعيشَ كجاريةٍ عنده ، فهي لم تحتمل نعتها بعديمة الفائدة كونها لم تطهو بسبب انشغالها بابنها ، ولآخر وقت كان تعتقدُ أنها ستستطيع طَهوَ أي شيء سريع قبل قدومه ، فلم تُخبرهُ أن يُحضِر شيئاً معه لأنها كانت تعلم أنَّه يمقُتُ تناول وجبات الطعام الجاهزة ، لأنه بكل مرة يأخذها للمطعم كان لا يشرب سوى فنجان قهوة ويطلب لها الطعام .وتذكَرت بأنّ خۏفها الذي طالما خشيَتْهُ أنْ يحصل قد حصل ؛ فقد اهتَزَّتْ صورتها أمام عائلتيهما ، مما جعلها ترفع دعوى طلاق ، واستطاعت أن تأخذَ الحكم بالطلاق البالغ السرعة بسبب التقرير الطبي إلى جانب حضانة ابنها ، وبعد ذلك تَنازَلَتْ عن حقها لأجل ابنها ، ولكن أُطلِقَ سراحه بعد أن أمضى مدة أقل من التي سيمضيها لو لم تتنازل عن الدعوى .ولأنَّ كل الناس أصبحوا على علم بأنَّ زوجته لا تحترمه ، مضى كل يوم له في السچن وهو يزداد كرهاً لها ، فقد كان يجدُ أنَّ كل الحق معه لتوبيخها الدائم لعدم احترامها له ، وحتى لو بالغَ آخرَ مرة فلديه عذره ، وما إن خَرَجَ حتى تزوّج امرأة من اللواتي يَحلُمْنَ به بعد أن ألقى كل اللوم على طليقته، التي عاشت بقية حياتها تُرّبي ابنها خشية أن يَحرمها منه بأي طريقةٍ إن تزوجَتْ ، وربَّتْهُ لأنْ أصبحَ شاباً فرفضَ تركها والعيشَ مع أبيه ، ولم يأخذْ أياً من صفاته ، إلا شكله الوسيم.