قصة الزاهدة أم الخير
انت في الصفحة 4 من 4 صفحات
إني لأستحي أن أسأل الدنيا من يملكها فكيف أسألها من لا يملكها
مواقف من حياة رابعة العدوية
في كتاب صفة الصفوة في ترجمة رابعة المذكورة بإسناد له متصل إلى عبدة بنت أبي شوال قال ابن الجوزي وكانت من خيار إماء الله تعالى وكانت تخدم رابعة .
قالت كانت رابعة تصلي اليل كله فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر فكنت أسمعها تقول إذا وثبت من مرقدها ذلك وهي فزعة
ثم تبكى وهى ساجدة فإذا رفعت رأسها يرى موضع سجودها مبلل من دموعها وكان هذا دأبها دهرها حتى ماټت.
ذات ليلة شكت عبدة لرابعة العدوية طول السهر وطلبت حيلة تجلب بها النوم فقالت رابعة
فقالت عبدة يا سيدتي.. أيهما أرجى نفحات الليل أم نفحات النهار?
قالت رابعة إن هذه النفحات بالليل أرجى لما في قيام الليل من صفاء القلب واندفاع الشواغل.
قالت عبدة كيف الليل عليك
قالت رابعة ساعة أنا فيها بين حالتين أفرح بظلمته إذا جاء وأغتم بفجره إذا طلع ما تم فرحي به قط ما يحزنني شيء سوى طلوع الفجر.
تقول عبدة
قالت لي رابعة ذات ليلة يا عبدة هل عجنت العجين.
قلت نعم. وراحت رابعة تصلي وفي سجودها فكرت في العجين هل اختمر العجين.
فلما نامت تلك الليلة رأت في منامها قصرها في الجنة قد تساقطت شرفاته فانتبهت من نومها فزعة
وصاحت عبدة يا عبدة. فقلت لبيك سيدتي.
وروت لي ما رأت في نومها ثم تساءلت يا عبدة هل من أدى الصلاة بلا حضور قلب فهو لاه.
فقلت لها يا سيدتي لقد صلى رجل في بستانه فأعجبه ثمره فلم يدر كم صلى ثلاثا أربعا فجعل بستانه صدقة في سبيل الله.
فقالت رابعة اخبزي العجين وقدميه إلى الفقراء والمساكين.
تقول عبدة بنت أبي شوال دخل لص دار رابعة ذات ليلة وهي نائمة فحمل درعها ثوبها وطلب الباب فلم يجده
فوضع الثوب وطلب الباب فوجده
فأسرع واختطف الثوب وهم بالفرار ولكنه لم يجد الباب فأعاد ذلك مرارا كثيرة
فهتف به هاتفإذا كان المحب نائما فإن المحبوب يقظان ضع الثوب واخرج من الباب فإنا نحفظها ولا ندعها لك وإن كانت نائمة.
فوضع اللص الثوب.. فشعرت بحركة في الحجرة فهتفت من هذا
فاستيقظت رابعة فلما رأت اللص قالت يا هذا لا تخرج قبل أن تأخذ شيئا.
فتعجب اللص من قولها وقال ليس في الحجرة غير هذا الإبريق فماذا أفعل به
فقالت رابعة أخرج إلى صحن الدار بهذا الإبريق وتوضأ منه وصل ركعتين سوف تخرج بشيء.
كانت لحظة إيمانية في حياة اللص فوجد في صدره استجابة لما أمرته به رابعة ..أخذ اللص الإبريق وتوضأ منه ثم وقف يصلي.
تقول عبدة بنت أبي شوال فلما رأيته على هذه الحال أدركت أن رحمة الله عز وجل غمرته بالتوبة.
رفعت رابعة العدوية يديها إلى السماء
وقالت سيدي ومولاي هذا قد أتى بابي ولم يجد شيئا عندي وقد أوقفته ببابك فلا تحرمه فضل ثوابك.
تقول عبدة رحت اختلس النظر إلى اللص وماذا كان أثر الصلاة في نفسه ولشدة ما سرني أن رأيت اللص قد اندمج في الصلاة حتى مطلع الفجر.
لتكون رابعة العدوية رمز للزهد والتورع ونبراس عالى الشأن في زمانها .
تمت...