الحافله
زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود وقالت أنا الآن متقاعدة كنت أعمل مدرسة لمادة الفلسفة جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار.
أنفقت كل ما كان معي وتركت ما يكفي لأعود إلى بيتي إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة ولم أكن أدري أنه ممنوع. أحببت أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك حيث دفعت عني دون أن أطلب منك. الموضوع ليس ماديا.
قاطعت المرأة مبتسما أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك لكن أين البضاعة التي اشتريتها منك أين الحكمة
بس دقيقة.
سأنتظر دقيقة.
لا لا لا تنتظر.. بس دقيقة... هذه هي الحكمة.
ما فهمت شيئا.
لعلك تعتقد أنك تعرضت لعملية احتيال
ربما.
سأشرح لك بس دقيقة لا تنس هذه الكلمة.
هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة ولكن بشرط.
وما هو الشرط
أن تتجرد عن نفسك وتفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدة وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز
إن كنت نويت أن تعاقب شخصا ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذرا فتخفف عنه العقۏبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائيا.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة في حين أنها قد تكون كارثية.
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة
صحيح وأنا قبلت برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليك اليورو.
تفضل أنا الآن أرد لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر. والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
لأنتهبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل