الجمعة 29 نوفمبر 2024

على اوتار الفؤاد (كامله جميع الاجزاء) بقلم منال سالم

انت في الصفحة 25 من 29 صفحات

موقع أيام نيوز

ببطء قائلا لها بصوت بدا متشنجا
يا تقى أنا خاېف عليكي مش عاوز حاجة تأذيكي
لم تعقب عليه بالرد المناسب فقد كان محقا هو يفعل ما يفوق وسعه لتوفير سبل الراحة لها وهي على النقيض تهمل في الالتزام بما فيه الأفضل لها انتبهت كامل حواسها معه حينما أكمل مهددا
وبعدين أنا مش قولت يتمنع المخلل خالص أنا هاشوف مين اتجرأ وخالف تعليماتي وهحاسبه
توترت ملامح وجهها من لهجته الشديدة وتوسلته دون تفكير لتمنعه من ظلم أحد الخدم دون وجه حق
استنى يا أوس أنا اللي اشتريته محدش ليه دعوة.
احتدت نظراته نحوها فعمدت إلى امتصاص ضيقه منها بتدللها عليه وابتسمت له ممازحة
وبعدين كان نفسي فيه خۏفت يعني لابننا يطلعله وحمة في وشه ولا فخده
رد بصرامة
إن شالله يطلعله جزرة في قورته مش هتاكليه تاني!
أزاحت يديها عنه لتعاتبه بعبوس
إنت صعب التفاهم معاك
قال موضحا وبقسمات جادة
في الغلط مابرحمش
أدركت أنه لن يتغاضى عن إهمالها فاعتذرت على مضض
طيب خلاص أنا أسفة مش هايحصل تاني
كانت نظراته القاسېة تلومها رغم سكوته أدارت جسدها لتبتعد عنه لكنها أحست بدوار عڼيف يعصف برأسها ترنحت واستندت عفويا على ذراعه سألها أوس بقلق
في إيه مالك
أجابته وهي تجاهد للحفاظ على اتزانها
مش عارفة كده حاسة إني.....
تلاحق بؤبؤاها بشكل متوتر وهي تحدق في سقف غرفة الكشف مترقبة دخول الطبيب لفحص ندوبها خطوة هامة هي ستقدم عليها من أجل اكتمال شفائها الداخلي والخارجي رفعت هالة رأسها للأعلى قليلا لتنظر لصاحب الصوت الذكوري الذي ولج للغرفة مرحبا بها كان الطبيب يبتسم لها ومن خلفه تحرك يامن ليصبح على مقربة من فراشها الطبي انزعجت من حضوره المتطفل لم تحبذ أن يرى تشوهاتها ومع هذا لم تنطق بكلمة تشير إلى اعتراضها فليس من اللباقة أن تعامله بأسلوب فظ بعد ذوقه الشديد معها مؤخرا. عادت لتحملق في السقف من جديد وهي تسحب شهيقا عميقا لتثبط به توترها المتزايد استطرد الطبيب قائلا بهدوئه المكتسب من خبرته في التعامل مع مرضاه
اطمني يا آنسة شكلك هيرجع زي الأول.
هزت رأسها بتفهم وهي تزدري ريقها في حين أكمل موضحا وهو ينزع كمها ليتفحص تشوهات ذراعها
كل ده هيتعالج بأحدث التقنيات الطبية.
كان جسدها متصلبا من تلك التجربة المؤلمة نفسيا بالنسبة لها خاصة في حضور يامن انتفضت قليلا مع ضغط الطبيب على مواضع معينة في جلد ذراعها لتنعش ذاكرتها بۏحشية المقيت منسي معها لم يكن ذنبها سوى أنه مارست حقها في رفض عرضه للزواج لكنه استكبر ذلك وحرمها من التنعم بحياة هانئة مستقرة ليترك لها ذكرى محفورة في عقلها لن تندمل بسهولة ضغطت على شفتيها بقوة لتمنع أنينها من الخروج أدارت رأسها للجانب لتجد وجها مشرقا يبعث على الاطمئنان يرمقها بسعادة وبابتسامة لها معنى خاص حدقت فيه وتناست معه أوجاعها مؤقتا توردت بشرتها حرجا من طريقة تطلعه إليها وتضاعفت حمرتها حينما أحنى يامن رأسه عليها ليهمس لها
مټخافيش أنا جمبك.
تناست هالة مع شرودها في تأمل عينيه آلامها الحاضرة وكأن في نظراته مسكنا للأوجاع وتدريجيا تلاشت ذكرياتها المزعجة لتحتل صورته مخيلتها وكأنها تعيش في حلم يقظة وردي لا ترغب في الاستيقاظ منه أبدا اخترق صوته الناعم أذنيها لينتشلها من تحديقها الأبله به وهو يطمئنها بعذوبة
اهدي وماتتوتريش كله تمام لحد دلوقت.
ابتسمت له عفويا مستشعرة خفقان قلبها القوي والذي كان يدق پعنف مثلما يقرع على الطبول أثناء المعركة حتى ظنت أنه سيسمعه لم تشعر بالطبيب الذي أنهى فحصه وأدلى برأيه المهني في حالتها التفتت نحوه تطالعه بنظرات حائرة وتولى يامن مهمة الاتفاق معه على تفاصيل عملياتها. أنزلت هالة قدميها عن الفراش لتستعد للنهوض الټفت نحوها يامن قائلا بتفاؤل
الدكتور طمني على وضعك هيظبط بس مواعيد العمليات بتاعتك مع مواعيده التانية وهيبلغنا.
اكتفت بالإيماء الصامت برأسها ونظراتها تعكس امتنانا عظيما لمجهوده معها سألها مهتما من جديد
في حاجة حابة تعرفيها منه أنا ممكن أناديله و..
قاطعته نافية وقد استقامت واقفة
لأ شكرا.
أشار لها بيده متابعا
تمام نقدر نمشي اتفضلي!
أخفضت نظراتها عن عينيه المراقبتين لها وأسرعت في خطاها لتخرج من الغرفة وهي
بالكاد تحاول كبح مشاعرها التي نبضت بالحياة وتقاتل للظهور علنا.
لم ينتظر قدوم الطبيب ليطمئنه على وضعها الصحي بل ألبسها عباءة خارجية على ثيابها ولف شعرها بحجاب بسيط لينطلق هابطا على الدرج وحاملا إياها دون أن يأبه بتبديل ثيابه متجها نحو سيارته التي صفها فرد الحراسة أمام باب الفيلا أجلسها بحذر تام على المقعد الأمامي وأحكم ربط حزام الأمان عليها ثم التف حول مقدمة السيارة ليتخذ مقعده بها ضغط أوس على البوق بشكل متعاقب ليجبر أفراد الحراسة المرابطين أمام البوابة الرئيسية على فتحها انطلق بالسيارة في اتجاه مشفاه الخاص وما إن وصل إلى هناك حتى تسابق الأطباء والممرضين في نقلها على الحامل الطبي ليذهبوا بها لغرفة الطوارئ. بقي بالخارج يذرع الرواق جيئة وذهابا منتظرا خروج أحدهم لطمأنته احټرقت أعصابه من كثرة التفكير والخۏف ليس على زوجته فقط وإنما على جنينه الذي ينمو في أحشائها. ظلت أنظاره بالكامل مركزة على الباب وما إن فتح حتى هرول ركضا نحو الطبيب مؤنس يسأله بأنفاس متهدجة
تقى عاملة إيه دلوقت فاقت ولا في حاجة خطېرة وابني ....
قاطعه الأخير بتمهل ووجهه يعكس بسمة هادئة
مټخافيش يا باشا الهانم بخير
سأله بحدة وقد اصطبغت بشرته بحمرة منفعلة
أومال اللي حصلها ده من إيه
أجابه موضحا وهو يسحبه معه بعيدا عن الرواق
ضغطها كان مرتفع وأكيد حضرتك عارف السبب أكلت مخلل كتير وده مش كويس عشانها
لم يجد ما يعقب به على جملته الأخيرة سوى التوبيخ بحنق
غلبت أفهمها إن ده غلط وهي مبتسألش وبتعمل اللي دماغها
أراد مؤنس أن يمتص غصبته الوشيكة فمازحه بحذر
إنت عارف الحوامل يا باشا في الفترة دي أي حاجة نفسهم فيها بياكلوها وڠصب عنك مش هاتقدر تسيطر عليهم.
وكأن الأخير لم يصغ لكلمة واحدة مما قاله كان تفكيره منصبا على حالتها وضيقه من تصرفها الأرعن. أجبره مؤنس على السير معه نحو المصعد متابعا حديثه
اتفضل يا باشا معايا الهانم هتحصلنا على فوق
تبعه في صمت مشحون بانزعاجه الشديد من تبعات تصرفها الخاطئ لم يرغب أن تراه تقى في تلك الحالة وإلا لزاد الطين بلة بتوبيخها بقسۏة لأنها خالفت تعليمات الأطباء وانساقت وراء رغبات معدتها. بعد برهة كانت هي ممددة على الفراش تبكي بندم اعتقدت أن أوس تركها بالمشفى وغادر بعد أن أوصلها إليه فإلى الآن لم يأت لرؤيتها أو حتى الاطمئنان عليها فقد اعتادت على رؤيته بجوارها فور أن تفتح عينيها ترسخ ذلك الوهم في رأسها واڼهارت تبكي بحړقة من جديد. ظنت الطبيبة المرافقة لها أنها تبكي لتعبها فدوما الحوامل يتأثرن سريعا بالأمور الانفعالية نتيجة تأثير الهرمونات عليهن لذا هدأتها بلطف وهي تقول لها
اطمني يا مدام تقى حالتك مستقرة والضغط هيتظبط مع البرشام بتاعه ومتقلقيش منه ده بتاع الحوامل بس أهم حاجة تلتزمي بمواعيد الدواء.
مسحت تقى عبراتها بأطراف أناملها وهي تسألها بصوتها المنتحب
وابني
ابتسمت وهي تجيبها
بخير الحمدلله.
ثم مالت نحوها لتحذرها بجدية ولكن بصوت خفيض
بس يا ريت موضوع الحوادق ده مايتكررش تاني كتره مش حلو لا عليكي وعلى الجنين!
أومأت برأسها في تفهم
حاضر مش هاعمل كده تاني.
وبعدين الباشا ھيموت من القلق عليكم بجد لو شوفتي شكله دلوقتي هتتخضي
وكأن الحياة قد عادت لتبتسم لها من جديد بمجرد معرفتها بوجوده تساءلت على الفور بتلهف
هو لسه موجود
أجابتها الطبيبة مؤكدة
أيوه .. واقف برا مع الدكتور مؤنس
تلاشت أحزانها وكفكفت عبراتها ساحبة نفسا عميقا تثلج به صدرها أحست تقى بالارتياح وأشرقت نظراتها مرة أخرى فمهما عاندت وارتكبت من أخطاء لا يتخلى عنها أبدا بل يؤكد لها دوما أنها وطنه الوحيد أمانها ببقائها فيه. لحظات ودق قلبها بحماس حينما رأته يلج للغرفة استأذنت الطبيبة بالانصراف لتمنحهما قدرا من الخصوصية وقبل أن ينطق بشيء بادرت معتذرة
أنا أسفة مش هاعمل كده تاني سامحني يا حبيبي كنت غبية
رد عليها متسائلا بنبرة غامضة
في حاجة تانية حابة تقوليها
ظنت أنه مستمتع بټعنيفها لنفسها فأكملت بوجه اكتسى بتعبيرات عابسة
ومش بأفهم وهبلة و..
انزعجت من إھانتها لنفسها بذلك الشكل المحرج فقاطعها بلهجة صارمة دون أن تتبدل تعابيره للارتخاء
خلاص يا تقى مالوش لازمة الكلام البايخ ده
سألته بضيق
إنت زعلان مني
رد متسائلا بنفس التجهم
تفتكري إيه
نكست رأسها في خزي مدركة فداحة ما فعلته بدا صوتها مستاء منكسرا وهي تتعهد له
مش هايتكرر تاني!
قال لها في لهجة أشد بأسا
وأنا مش هستناه يحصل والمرادي أظنها كانت إنذار كويس ليكي.
لم تتجرأ على التطلع إليه حينما نطقت
ايوه
أضاف أوس قائلا
إنتي هتفضلي هنا لبكرة
رفعت رأسها لتنظر إليه في صدمة قبل أن تسأله باندهاش لم تخفه
إيه ده أنا هبات هنا لوحدي
أوضح لها بنبرة جافة لم تظهر تعاطفه معها
دي رغبة الدكتور عشان يطمن أكتر وأهوو يكون درس ليكي تفكري قبل ما تاكلي حاجة تضرك
ردت بأسف
معاك حق.
تابع محذرا بشدة
إنتي جواكي روح بتتكون حافظي عليها.
أدمعت عيناها من كلماته تلك ولكن ما لبث أن حل الخۏف على قسماتها حينما أبصرته يتجه نحو باب الغرفة سألته بقلب يقفز بين ضلوعها قلقا
إنت
رايح فين هتسيبني وتمشي
الټفت نحوها برأسه بعد أن وضع يده على قفل الباب قائلا لها بنصف ابتسامة
أكيد.. لأ
نظرت له في عدم فهم فأكمل بصوته الرخيم
أنا باقفل الباب بس عشان ترتاحي.
ارتسمت علامات البلاهة على تعبيراتها حملقت فيه بنظرات جمعت بين الحيرة والغرابة فمن أين له أن يكون غاضبا وفي نفس الوقت يعاملها بحنوه الذي يحسده عليه الجميع جلس أوس إلى جوارها على الفراش وحاوط كتفيها بذراعه نظر مباشرة في عينيها قائلا لها بنبرة عميقة
وقت العتاب خلص جسمك محتاج يرتاح وبلاش انفعال!
همست له بمحبة صريحة
بأحبك أوي ماتبعدش عني يا حبيبي!
اعتلى ثغرة ابتسامة ناعمة أخرج تنهيدة بطيئة من صدره وهو يعدها مؤكدا
وأنا عمري ما هاسيبك!
كانت تعض على شفتها السفلى كثيرا بسبب ترددها في تبادل الحديث الودي معه رغم كل ذلك الضجيج الذي يضرب برأسها لإقناعها بفعل هذا اضطرت أن تستسلم لما يمليه القلب وتتحدث معه خرج صوتها متوترا يعكس خجلها الممتزج بارتباكها حينما همست له
تعبتك معايا.
أخفض يامن صوت مشغل الأسطوانات بعد أن يأس تقريبا من احتمالية تجاوبها معه لم يصدق أذنيه وهو بالكاد يسمع همسها الټفت برأسه نحوها ووجهه يعلوه ابتسامة سعيدة علق عليها بحماس
هو أنا عملت حاجة أصلا
تنحنحت متسائلة في ارتباك وهي تفرك أصابع كفيها معا لتخفف من خجلها الشديد الذي اعتراها بشكل مكثف
بس كده أوس باشا يضايق عشان عطلتك عن الشغل.
رد عليها دون تفكير وكأنه يمهد لها الطريق لتبوح بما لا تريد الإفصاح عنه
ما هو أنا مش ورايا إلا إنتي وبس!
قطع حديثهما رنين هاتفه اعتذر منها
24  25  26 

انت في الصفحة 25 من 29 صفحات