الثلاثاء 03 ديسمبر 2024

قائد الطائرة

انت في الصفحة 2 من صفحتين

موقع أيام نيوز


تلك الصبيحة كانت طعڼة لم أتلق يوما أشد منها !! بقيت صامت صامد أنتظر أن تراجع معلمتي قرارها الجائر!! 
ولكن الحافلة أقلعت وكل الأطفال الذين بها كانوا في فرح وسرور ..!! 
مكثت غير بعيد عن باب مدرستنا.. وبكيت بحړقة .. بكاء لم ابك مثله قط .
لعنت الفقر ألف لعڼة و لعڼة
لعنت معلمتي المحبوبة!! لعنت المصنع الذي سرح أبي من العمل وتركنا فقراء!! لعنت كيسي الأسود الذي وضعت فيه أمي منديلا من ثوبها القديم يلف قطعة خبز من ليلة أمس وحبات تمر تجاوزت الدهر!! لعنت صاحب الحافلة وحافلته التي لم تتسع لنا !! لعنت ذلك الصباح بكل ما حمله !! 

حملت كيسي الأسود المنهك .. لملمت أجزائي المبعثرة .. وقررت العودة الى البيت كي أبكي وأذرف ما أمكنني من دموع بلا حرج ..
وفجأة تذكرت مبلغ الرحلة وكيف سأخبر أبي أني لم أذهب .. وكيف أبرر له أن المبلغ قد ذهب مع الذاهبين!! كيف سأخبر أمي أن حماسي وإلحاحي و ازعاجي لها بالأمس!! 
بقيت أترنح بين خيبتي وحيرتي لبرهة لا أعلم إن قصرت أو طالت ثم راودتني فكرت كڈبة سأسكتهم بها وهي أن الحافلة في طريقها الينا تعرضت لعطب!! ولأجل ذلك لم نذهب.. 
وانصرفت!!
في ذلك اليوم.. لم تشأ صورة معلمتي أن تذهب عن مخيلتي وهي تبرئ لنا ذمتها بمبررات واهية .. بينما حتى في عز برائتنا وصغر سننا كان جليا لنا أنها منافقة وأنها تحملنا وزر فقرنا و هندامنا البالي.. ولم أستطع نسيان عذرها وهو أن قائد الطائرة لن يقبل استقبالنا بهيئتنا تلك !! لن ينمحي من ذاكرتي طعم ذاك الۏجع!! 
في ذلك اليوم.. تعلمت أنه يمكن للإنسان أن يتعلم أي شيئ .. إلا الإنسانية فهي إن
لم تكن فطرة فيك فإنك مهما بلغ مستواك او منصبك ستمضي حياتك ككلب مسعور ينهش في كل من حوله بذنب أو بدونه 
عرفتم الآن من هي تلك الراكبة غير العادية !!! 
منقولة بتصرف

انت في الصفحة 2 من صفحتين