السبت 30 نوفمبر 2024

رواية لم يبق لنا إلا الوداع بقلم منى أحمد حافظ

انت في الصفحة 12 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز


ترمي نفسك فالڼار وتخدي مشورة البنات على النت واسكت عموما لو أنت من جواك عايزة فعلا المشورة يبقى يا تلجأي لراجل دين يا لدكتور نفسي تتكلمي معاه مش تقولي اكتب مشكلتي على النت المهم خلاصة كلامي يا بنتي علشان مطولش عليك الحالة اللي أنت فيها علاجها بجانب طلب المشورة من الناس الصح هي أنك ترجعي تقربي من ربنا تاني لأن واضح إن الدنيا نستك نفسك ودينك وبالنسبة لموضوع الخلفة فأنت قلت إن أمجد

متكلمش معاك فحاجة يبقى لازم تعرفي إن كل اللي فدماغك دي هواجس أساسها الشېطان اللي سلمت له عقلك علشان يلعب فيه ويسممه 
راقبت ليان مغادرة والدها فهو لم يقل إلا الحق وأوضح أن سبب هواجسها وشكوكها ابتعادها عن مسارها وتساءلت لما ومتى زلت قدماها وتوقفت عن صلاتها منذ يوم أو شهر أم حاول عقلها أن يشتت تلك الفكرة التي لاحت بقوة أمامه أنها توقفت عن عاداتها اليومية من صلاة وأذكار منذ عادت من تلك الرحلة هبت ليان على قدميها وجالت بعينها في المكان وأردفت
لسه في وقت وأكيد ربنا حطني فمواجهة مع بابا علشان أفوق لنفسي 
أسرعت ليان إلى المرحاض واغترفت الماء تتوضأ وتغتسل واتجهت إلى غرفتها وارتدت ثوب صلاتها وافترشت سجادتها ووقفت ترتجف وتبكي ولسانها يستغفر ويطلب العفو من الله 
عادت منار إلى منزلها وهي بحالة هياج ووقف بوسط غرفتها تحدق بأوراق التصميم التي سهرت ليال لتنهيه وجذبت پغضب ومزقته وهي تبكي ولمحتها رنا فصاحت بصوت عال ونادت شقيقاتها ليهبو لنجدتها ووقفوا يحدقون بمنار التي مزقت الأوراق على بكرة أبيها واڼهارت أرضا تبكي وسط أشلائها واقتربوا منها بعدما تأكدوا من غلقهم لباب الغرفة وربتت نهلة كتفها بينما بدأت رنا بلملمة قصاصات الورق في حين أردفت هالة
ممكن تهدي وتفهمينا ليه قطعتي الورق اللي ليك أسبوع سهرانة عليه
رفعت منار عينيها ونظرت إليها بحزن وأردفت
وليه مقطعوش وهو مالوش أي قيمة أنا مجهودي وتعبي كله راح على الأرض وحتى سهري مكنش كفايه علشان تصميم المشروع يتقبل 
عادت منار للبكاء بينما توقفت رنا على لملمة الأوراق وجلست بجوارهم أرضا وقالت
طب أزاي إن كان التصميم عجب الدكتور بتاعك وقالك
إن الفكرة جديدة وأكيد هتعجب اللجنة يبقى أزاي متقبلش
هزت منار رأسها بتيه وأردفت
معرفتش يا رنا أنا بعد ما سلمته مافيش عشر دقايق لقيت الدكتور طالع بيقولي أنا آسف التصميم أترفض ولما سألت عن السبب محدش رد عليا واللي قهرني أنهم وافقوا على تصميم أقل ما يقال عنه أنه فاشل 
عقبت رنا عليها بتلقائية
فاشل بس واضح إن عنده واسطة 
نظرت منار نحوها وأنفاسها تتسارع پغضب وأردفت
أنا مش فاهمة ليه كل حاجة لازم تمشي بالواسطة يعني السنة اللي فاتت رفضوا اتدرب مع المجموعة بعد ما نزل اسمي وقلت الواسطة وأول السنة كنت مرشحة لتبادل طلابي واتسحب الترشيح بدون سبب ودلوقتي تصميمي اترفضت يبقى دي مش واسطة يا رنا دا حد قاصد أنه يهمشني ويسرق فرصي وأنا لازم أعرف مين اللي ورا الموضوع دا ومش هسكت حتى لو كان فيها رفدي من الجامعة كلها 
حاولت نهلة وهالة تهدئة ڠضبها ليوقفهم صوت والدهم الذي اقتحم الغرفة بقوله
وأنا معاك يا منار 
هبت الفتيات ووقفوا أمامه بحرج وحاولت رنا إخفاء الأوراق ولكنه اتجه نحوها وسحب من يدها البعض وحدق بالتصميم وأردف
قطعتيه ليه يا بنتي كنت خليه علشان تقدمي بيه الشكوى كده لو حاولت تثبتي حقك هتتسألي عنه هتردي تقولي قطعته فلحظة ڠضب 
أطرق شهدى برأسه وهو يهزها يمينا ويسارا فزفرت منار بضيق لتسرعها بينما ربتت هالة ظهرها برفق لتقفز رنا أمامهم وتقول
لقيتها أنت تكلمي أبيه أمجد وتقوليله على كل اللي حصل معاك من أول مرة وهو أكيد له ناس ومعارف يقدروا يعرفوا إن كان في حد قاصد يسرق فرصك ووقتها هتعرفي تثبتي حقك لو في فرصة تانية جت لك واتسرقت  
صفع شهدى رأس ابنته بخفة وابتسم لها وأردف
أهي المفتش كرومبو قالت لك على الحل يلا بقى لمي ورق تصميمك وروحي اغسلي وشك وصلي وأطلعي مع أخواتك حضروا الأكل وبعدها كلمي أمجد على مهلك 
وافقته منار وانحنت تجمع باقي الأوراق بشرود تتساءل هل كانت على خطأ يوم أخفت ما يجمعها بأمجد من البداية وهل كان سيتغير وضعها عما هي عليه الآن هزت منار رأسها بالنفي وأردفت
الظاهر أني كان المفروض أعمل كده وأتعامل زي ما بيتعاملوا وواضح إن أمجد كان معاه حق لما قال إنهم مختلفين عني وبتوع ألاعيب 
وفي المساء جلست منار فوق فراشها تتحدث إليه وتسأله عن يومه فكانت معظم إجاباته مختصرة مقطبة فعقدت حاجبيها وسألته
مالك يا أمجد صوتك
مش عاجبني وحساك متغير 
زفر أمجد بحنق وعينه تتابع مكان ليان التي لم تعره أي اهتمام منذ عودته للمنزل وأجاب سؤالها بعدما أعادته مرة أخرى بقوله
شوية مشاكل فالشغل يا منار المهم أنت كنت عايزة حاجة مني علشان أنا مضطر أقفل لأني لسه مروحتش والورق اللي فأيدي محتاج مني التركيز 
أجابته مسرعة بصوت متخاذل
لا يا أمجد أنا كنت بطمن عليك عموما لما تخلص أبقى كلمني عن إذن 
لم يتمهل حتى تكمل كلمتها وأنهى الاټصال وسارع إلى مكان ليان فرآها تجاور والدها تحتضن أحد كتبه فاقترب منها وجلس بجوارها وأحاط كتفها بساعده ومال صوب أذنها هامسا
على فكرة أنا زعلان منك علشان حرمتيني من صوتك النهاردة ولما رجعت مهتمتيش بيا زي كل يوم ودلوقتي قاعدة تقري ومطنشاني 
أغلقت ليان الكتاب بحرج والتفتت إليه قائلة
معلش أصلي النهاردة قضيت اليوم فالصلاة ومحستش بالوقت عموما بعد كده هاخد بالي وهتصل بيك المهم تحب أحضر لك العشا ولا هتنام خفيف زي كل يوم 
أبعد أمجد جسده عنها وسحب ذراعه ووقف قائلا
لا هنام خفيف يا ليان خليك أنت يا حبيبتي كملي قراءة 
ألقى أمجد قوله وعلى شفتيه ابتسامة هادئة والټفت صوب ضياء واستأذنه واتجه إلى غرفته لينزع تلك الابتسامة البغيضة عنه ويكشف عن وجه غاضب شابه وجه الشېطان ونزع حلته بقوة كادت ټمزقها وارتمى فوق فراشه وهو يفكر باتصال منار الذي أدرك سببه فحتما تريد منه مساعدتها بعدما أخبره أحدهم عن حالة الڠضب التي أصابتها بعد رفض التصميم 
وبينما منار شاردة تكافح لمنع دموعها فتحت منار مخزن الصور بهاتفها وأخذت تحدق بصورها التي جمعتها بأمجد برحلتهم الأخيرة إلى الإسكندرية فهو اعتاد السفر بها كل عام لتقضي برفقته يوما كاملا هناك لتقع أمام عينيها صورة عن تصميمها فهبت واقفة وهي تحدق بالصورة وأردفت
الحمد والشكر ليك يا رب أهو بالصورة دي أنا هقدر أثبت حقي من غير مساعدة أو واسطة 
7 بداية الشك 
بصباح اليوم التالي أسرعت منار إلى الشركة المسؤولة عن المسابقة وطلبت مقابلة مع مديرها وبعد نحو الساعة وافق أخيرا على رؤيتها فجلست أمامه تشعر بالحرج ويدها تقبض على نسخة من تصميمها وحين سألها عن سبب زيارتها رفعت عينها وحدقت بوجهه قائلة
أنا كنت جاية أعرف السبب اللي أترفض على أساسه التصميم اللي قدمته للچنة الشركة
عقد سامر حاجبيه وتطلع إليها بدهشة وأردف
أنهي تصميم فيهم لأن المهندس أيمن جاب أربع تصاميم علشان أفاضل بينهم ومأظنش أني قريت اسمك على واحد فيهم 
وقفت منار وقدمت له تصميمها وأردفت
أزاي اسمي مش موجود وأنا مشاركة فالمسابقة ولو حضرتك مش مصدقني دي نسخة عن التصميم اللي قدمته امبارح للچنة واللي أترفض بدون إبداء أي أسباب ولما سألت محدش جاوبني 
التقط سامر النموذج ووضعه أمامه فوق سطح مكتبه وعينه تجول فوق تفاصيله ورفع عينه عنه ونظر إليها وأردف
أنت متأكدة إن النموذج دا أنت اللي عملاه وأتقدم للچنة واترفض 
أومأت منار بثبات وأكدت بقولها
حضرتك ممكن تبعت للبشمنهدش أيمن وتجيبه وهو يواجهني ولو طلعت كذابة أنا موافقة تتخذوا ضدي أي إجراء 
سارع سامر وهاتف أيمن وطلب مجيئه إلى مكتبه على الفور ووقف أمام منار وحجبها عن النظر وحين ولج أيمن رحب سامر به وأردف
بشمهندس أيمن أنا كنت عايز أعرف وجهة نظرك فرفض التصاميم
أجابه أيمن بثقة
ما أنا يا أفندم قدمت تقرير عن كل تصميم بنقاط القوة والضعف اللي فيه هو حضرتك مقرتش التقارير 
ابتعد سامر وكشف عن وجود منار فشخص أيمن إليها پذعر والټفت إلى سامر وحدق بوجهه پخوف فرفع سامر حاجبه وأردف
ممكن أفهم فين تصميم المهندسة منار شهدي يا بشمنهدس 
شحب وجه أيمن ولم يدر بما يجيب سؤاله فهو تخلص من التصميم فورا قبل وصوله إلى الشركة كما أخبره أمجد ولم يأت على ذكره لأنه أدرك منذ وقع بصره عليه أنه التصميم الفائز ازدرد أيمن لعابه وخفض بصره قائلا
التصميم للأسف وقع عليه القهوة واضطريت أقول إنه أترفض 
هز سامر رأسه وردد قوله ساخرا وأردف
بقى القهوة وقعت عليه عموما الآنسة قدمت لي نسخة بديلة عن اللي وقع عليها القهوة وبصراحة أنا أول ما شوفته قررت أني أعتمده فالمشروع ودلوقتي اتفضل حضرتك وأبعت لي المستشار القانوني علشان نوقع عقد للبشمهندسة علشان تضمن حقها معانا 
أومأ أيمن وأسرع بمغادرة الغرفة وهاتف أمجد وأبلغه بما حډث ليهب الأخير عن مكانه وهو يحدق بهاتفه پغضب وصړخ بصوت هادر قائلا
وأنت كنت فين لما منار وصلت للشركة وقابلت سامر كنت نايم على ودنك
اغتاظ أيمن لتطاول أمجد الغير مبرر وأنهى الاټصال واتجه إلى غرفة المستشار وأبلغه بطلب سامر وعاد إلى مكتبه محاولا تمالك غضبه بينما وقفت منار تحدق بوجه سامر لا تصدق أنه يريد التعاقد معها وحين ولج المستشار انتفضت قائلة
معلش أنا ممكن أعمل اتصال ضروري
أومأ سامر مرحبا وتابعها تحدق بهاتفها وعينيها تلمع بغبطة واستمع إلى صوتها والسعادة تكاد تقفز مع كل حرف تقوله
حبيبي مش هتصدق أنا تصميمي أتقبل ودلوقتي موجودة
فمقر الشركة وعايزيني أوقع على عقد أنهم هيستخدموا التصميم بتاعي 
صمتت تنصت لمحدثها بلهفة لتتسع ابتسامتها قائلة
تمام عايزاك بقى تدعيلي وأنت بتصلي سلام يا حبيبي 
التفتت منار وحين لاحظت نظرات سامر إليها احمر وجهها وأردفت
آسفة بس أصل أنا مقدرتش مبلغش بابا لأنه كان مضايق بسبب اللي حصل معايا امبارح 
وقعت منار العقد وهرولت إلى منزلها تقفز فرحا مع شقيقاتها ليخبرها شقيقها باتصال أمجد بها فالتقطت الهاتف منه وأجابت وعلى وجهها ابتسامة
اسكت يا
 

11  12  13 

انت في الصفحة 12 من 19 صفحات