رواية بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف (كاملة)
ربنا ده يعني حالتهم الماديه كويسه جدا وبيسرقو
فعلا مابتهونش إلا علي الغلبان
ثم عاد الى عمله واثناء انشغاله رن
هاتفه المحمول برقم ابنته ريما
اجابها مبتسما
ريما حبيبه بابا
وكاد ان يكمل سلامه عليها الا انه استمع الى اڼهيارها وهي تردد بنحيب
الحقني يا بابا باهر مغمى عليه وعمال افوق فيه مش بيفوق خالص مش عارفه اعمل ايه تعالى لي بسرعه .
اهدي يا حبيبتي واشرحي لي ايه اللي حصل بالظبط علشان
أتصل بالدكتور وأحكي له .
تحدثت من بين شهقاتها بكلام لم يفهمه والدها بتاتا ولكنه سألها
اهدي يا حبيبه بابا انا جاي لك على طول مسافه الطريق بس وهتصل بالدكتور يحيي يجي لنا على هناك
طيب ما ندهتيش لوالدته ليه ولا لاخوه بدل ما انت لوحدك كده
مش موجودين حماتي ميعاد زياراتها القپور النهارده وبتتأخر وزاهر هو اللي بيوديها وانا هنا لوحدي
واكملت بكائها بشده .
طب يا حبيبتي هدي اعصابك بس علشان الولاد ما يخافوش وانا خلاص 10 دقائق وهكون قدامك
قالها جميل وهو يقود سيارته باستعجال
وما هي الا دقائق حتى وصل إلى العماره التي تسكن بها ابنته وقبل ان يصعد الى الطابق المنشود هاتف الطبيب واستعجله ان يأتي سريعا ثم صعد الى شقة غاليته ووجدها تفتح له الباب
احتضن يداها وهو داخل لكي يطمئنها
ووصل الى باهر الملقى على تخته لا حول له ولا قوه نظر اليه نظره عميقه وتحسس كف يديه وجبهته وجدهم مثلجتين تماما
انخلع قلبه مما جال بخاطره ولكنه لم يفصح عنه خوفا على ابنته وفضل السكوت تماما الى ان يحضر الطبيب ويقوم بفحصه لعل وعسى يخلف ظنه
اخذ الطبيب سماعته وقام بفحصه تماما وبعد ان انتهى نظر اليهم بأسى وحزن مرددا
البقاء لله يا جماعه .
جحظت ريما بعينيها وتحركت براسها يمينا ويسارا وغير مصدقه ما قاله الدكتور للتو وذهبت اليه ممسكه بتلابيب حلته وهي تهزه مرددة باڼهيار
ايه اللي انت بتقوله ده يا دكتور باهر ماټ!
كل ذلك بدموع تهبط على وجهها كالشلالات وحدسها يؤكد لها انه ما زال حيا وعلى قيد الحياه وانه لم يمت ويتركها هي وأبناؤها .
نزع ابيها يدها من على الطبيب وجمع معه اشيائه وتركه يغادر
الا انها رفضت تماما ان يغادر الطبيب قبل ان يعيد الكشف وهجمت عليهم بكل قوتها مردفه پعنف
احتضن ابنته وربت على ظهرها كي يهدئها وهي مڼهارة تماما ولم تستمع لأي من كلماته والى الآن لم يصدق حدسها ما حدث وابتعدت عن أبيها وذهبت اليه وهي تحتضنة مرددة پبكاء ېمزق القلب
لا يا باهر قوم يا حبيبي وانا هعمل اللي انت عايزه ومش هشتغل وهبطل التصميم خالص
وأكملت وهي تتشبث به بشدة
قوم يا حبيبي ما تسيبنيش مش هقدر أكمل من غيرك انت وعدتني ان احنا هنكمل مع بعض لآخر العمر ما لحقتش يا حبيبتي هدي نفسك علشان خاطر اولادك بيعيطوا من منظرك
ده عمره والأعمار بيد الله كلنا مسيرنا سايبينها وهنروح للي خلقنا واللي أحن علينا من اي حد وافتكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم
انما الصبر عند الصدمة الاولى
واسترسل حديثه وهو ينظر داخل عيناها ليحثها على الهدوء
اهدي يا حبيبه ابوكي اهدي علشان خاطر إبنك الكبير بيرجف من الخۏف والصغير مفلوق من العياط كأنه حاسس اهدي يا ماما اهدي .
ما إن ذكر ابيها اسم أولادها جرت عليهم واحتضنتهم ودموعها على وجهها كالشلالات والتي ايقنت من داخلها انها لم تجف بعد
احتضنتهم وهي تهدئ من روعهم فقد كان ابنها الأكبر منزويا في ركن وجسمه يرتعش من من منظر والدته وهو لا يفقه شيئا مما حدث لأبيه الى الان مردده له
اهدي يا عمر انا كويسه ما فيش حاجه بس يا حبيبي .
هاتف أبيها زاهر اخيه وطلب منه ان يعود الى المنزل لأمر جلل واستعجله ان لا يتأخر هو والدته
وهاتف ايضا زوجته وابنه رحيم وابنته رندا ان يأتوا على عجاله لكي يقفوا بجانب ريما التي اوشكت على الاڼهيار وهي جالسه بجانب زوجها تنتحب بشده
وبعد نصف ساعه وصل الجميع وهم لا يفقهون شيئا مما حدث فجميل فضل
ان لا يحاكيهم في الهاتف خوفا من ذعرهم
صعد زاهر ووالدته الى مسكن باهر كل ذلك وهم يعتقدون ان باهر وزوجته بينهم مشكله كبيره يريدون حلها ولم يخطر
ببال احد منهم انه توفى
دخلوا الى الطابق وجدوا فريده تحتضن الكبير وتربت على ظهره
وراندا اختها تحمل الصغير وتهدهد فيه ودموعهم تنزل على وجوههم بسخاء
استنتج باهر ما حدث فجرى مسرعا الى غرفه اخيه وجد زوجته جالسه على الأرض وهي تمسك يداه وتبكي بشده ذهب ناحيتها وسألها بدهشة
ايه اللي حصل لاخويا يا ام عمر اخويا جرى له حاجه انطقي
ماټ باهر ماټ وسابني لوحدي انا واولادي ماټ حبيبي ماټ !
وقع الخبر على قلبه كالصاعقه نظر الى اخيه بقلب مفطور وعيون محدقه على جسد اخيه ولسانه كأنه شل ولم يعد على النطق
ساقته قدماه الى الجهه المقابله لزوجه اخيه ممسكا بيده وواضعا جبهته عليها قائلا باڼهيار
لا يا حبيب اخوك وابن عمري مشيت وسبتني بدري واحنا لسه في اول الطريق
نطق كلماته تلك وهو ينفطر دموعا على العزيز أخيه
اما والدته في الخارج جلست بجانب فريده وسألتها باستغراب
هو في ايه يا ام رحيم مالكم يا حبيبتي بتعيطوا ليه هي ريما تعبانه ولا جرى لها حاجه
استمعوا الى سؤالها وبكوا جميعا بصوت عالي ولم يقدر اي منهم على نطق حرف واحد
فهوى قلبها بين قدميها وجرت الى غرفه صغيرها وما ان وصلت وشاهدت منظر زوجته وابنها الاكبر واستنتجت
ما جرى حتى سقطت مغشيا عليها من اثر الصدمه
هرولوا جميعا ناحيتها عدا تلك الريم التي لم تتحرك من مكانها وهي تبكي على الفقيد الغالي
بعد مده عادت الى رشدها ووضعت يدها على راسها وانطلقت بالعويل مردده
اه يا ابني اه يا حبيبي لا يا باهر ما تسيبنيش يا حبيب امك ضاع شبابك ما لحقتش تتهنى بعيالك يا حبيبي قوم يا زاهر قوم يا حبيبي ما تعملش في امك كده
وظلت على عويلها ولم يقدروا عليها ان يجعلوها تصمت
في نفس اليوم عصرا في دار الأيتام كانت مريم تدلف الى الدار عائدة من الجامعه واثناء دخولها لمحت تلك الشمطاء وهي تصافح مديره الملجأ واخذتها ودلفت معها الى غرفه مكتبها
تبعتهم مريم بعينيها الى ان اختفوا من امام ناظريها وساقتها قدماها الى اقرب مقعد وجلست عليه وهي واضعه يدها موضع قلبها مردده لنفسها بارتعاب شديد
يا مرك يا مريم ما تكونش جايه توريها الفيديو يا فضيحتك يا فضيحتك
وأكملت وهي ټضرب على قدميها بكف يدها
اعمل ايه يا رب دلني على الصح
ادخل دلوقتي عليهم وافهم المديره قبل ما الكلبه دي تشوه صورتي قدامها ولا اعمل ايه
دبرني يارب
واستطردت پبكاء
انا كده هتطرد من الملجأ وانا لسه في الجامعه ولا ليا مكان يأويني ولا حد يواسيني في مصېبتي دي
حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا مي ربنا ينتقم منك ويوريني فيكي يوم ويشردك زي ما انتي عايزه تشرديني
وأكملت حديثها مع نفسها وهي في حيره اتذهب لهم أم تنتظر مصيرها المحتوم
وفجاه رفعت انظارها تجاه الباب وجدت المديره وتلك المي خارجتين من المكتب تصافح كل منهما الاخرى ثم ارتدت مي نظاراتها الشمسيه قائله لمديره الملجأ
اي حاجه يحتاجها الملجأ من تبرعات او مساهمات انا تحت امرك يا مدام شريفه وربنا يقدرني على فعل الخير .
شكرتها الاخرى بحفاوه وربتت على يديها مردده بامتنان مغلف بالطمع
تسلمي لنا يا ست البنات وربنا يجعله في ميزان حسناتك وما يحرمش اليتامى دول من عطاياكي وهداياكي ولا يحرمني انا شخصيا
واسترسلت حديثها بزيف
ما تتصوريش معزتك عندي قد ايه يا انسه مي بعتبرك زي بنتي بالظبط
مانا اللي مربياكي هنا مع اخواتك في الملجأ بس إنتي ربنا كرمك واشتغلتي شغل حلو عشان دايما دماغك حلوه وبتفهميها وهي طايره
ابتسمت لها مي بسماجه لتذكرها ماضيها في الملجأ والذي تبغضه ولو ودت واقتلعت جذورها من تلك الملجأ لفعلت مع العلم انها في حياتها لم تذكر امام احد انها كانت مرباه في الملجأ واردفت ببرود
طبعا حضرتك زي والدتي وربنا يعلم انا بحبك وبحب اخواتي هنا قد ايه تؤمريني بحاجه تانيه يا مدام شريفه .
ابتسمت لها الاخرى وامائت براسها
ما نستغناش عنك
يا ميوشه وما تغيبيش عننا يا ليدي يا جميله .
امائت لها براسها بابتسامه وتركتها وذهبت الى مكان مريم وهي تنظر لها بشماته من تحت نظارتها ثم اردفت قائله بمراوغه
يا ترى العيون الجميله دي بټعيط ليه ايه اللي راعبك قوي كده ومخليكي مش على بعضك يا رومي
واسترسلت وهي تخلع نظارتها وتمسكها بيدها مردده بسخريه
يا ترى مصروفك خلص إللي إنتي بتاخديه من الدار هو ده اللي مخليكي قاعده مقهوره كده وبتعيطي يا بيضه
استوعبت مريم سؤالها واردفت بنبره جاده متجنبه سخريتها منها
ليه بتعملي معايا كده انا اذيتك في ايه علشان تعملي فيا كده
واسترسلت بعيون لامعه من اثر الدموع المتجمعه في مقلتيها
ليه مصممه تدمريني وتدمري مستقبلي وعايزه تمشيني في طريق انا مش حابه ان انا أمشيه .
لوت فمها واجابتها بنبره ساخطه وهي تنظر داخل عيناها بجبروت
انت يا
بت هتدخلي لي قافيه ولا ايه ومفكراني يخيل عليا الحركات دي والعياط وبيأثر فيا
واسترسلت وهي تشير لها بكفاي يديها بامتعاض
لا يا ماما غيرك عملوا كده معايا كتير ومجوش سكه معايا
فاخلصي يا بت إنتي علشان انا جبت اخري منك واديكي شفتيني وانا خارجه مع المديره قلبك وقع في رجليكي فما بالك بقى لما اسيطك يا مزه .
فكرت مريم وهي تدور بمقلتيها الى جدران الدار التي تحتويها ان تجاريها في حديثها الى ان تنتهي من سنتها الدراسيه وهي محاطه بتلك الجدران بعنايه مردفه بتردد
طيب ممكن تديني فرصه لحد ما اخلص السنه دي علشان خاطر اكون فاضيه معاكي وعلشان ما اقصرش في مذاكرتي .
ضحكت مي بصوت عالي وهي تنظر لها مجيبه لها بسخريه
انتي يا هبله انتي مفكراني دقه عصافير ولا لسه نونو بيضحك عليها من حته عيله زيك لا يا ماما انا فاهماكي كويس جدا
واسترسلت وهي تكشف لها طريقه تفكيرها المكشوفه امامها
انتي عايزه بقى