الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية جوازة أبريل (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم نورهان محسن

انت في الصفحة 22 من 22 صفحات

موقع أيام نيوز


يا بت تعبتينا والله
عقدت ابريل ذراعيها أمام صدرها وغمغمت بعدم اقتناع ماحبتوش ولا حسيته
تأفأفت أميرة التي كانت واقفة بجانبهم بصمت بعد أن سئمت من تشاجرهم المستمر مدققة النظر عن كثب إلى الورقة المتشابكة فى الفستان ثم هتفت بحدة ناعمة بس انتي وهي!! شوفوا مكتوب عليه كام الاول قبل ما تتمسكوا في شعور بعض كدا!

ألقت رضوى نظرة على المكان الذي أشارت إليه أميرة فاتسعت عيناها في ذهول ثم تمتمت بشهقة يا نهار طين كل دا رقم!!!
ضحكت ابريل مقهقهة عليها لتقول بتهكم ساخر شوفتي بقي والله ما يستاهل
خلينا نروح نشوف محل تاني
التفتوا ليخرجوا من المتجر معا ليرن هاتف أبريل بنغمة أجنبية فأخرجته من جيب بنطالها الزيتي لتنظر إلى الشاشة المضيئة وهى تتمتم بصوت خاڤت دي ريهام بتتصل!!
أحاطت رضوى بكتف إبريل من الجانب وهي تدنو برأسها لتهمس بقلق لا تكون ريهام اختك عايزة العربية وهتخلينا نروح في ميكروباص
دفعت ابريل ذراع الأخرى بنفاذ صبر عن كتفها وعلقت متذمرة اتهدي بقي !! خليني اعرف ارد يا نقاقة
قامت رضوى بدفعها بخفة في ذراعها بغيظ فزفرت أميرة في يأس منهم وهي تجلس على مسطح رخامي عالي يتوسطه نباتات بينما ابتعدت أبريل قليلا لترفع الهاتف إلى أذنها بعد أن ضغطت على زر الرد قائلة بصوتها الناعم الو يا ريكا!!
جاءها صوت ريهام من الجانب الآخر تسألها بنبرة هادئة ايه يا حبيبتي بتعملوا ايه !! خلصتوا
تنهدت أبريل ببطء وقالت بنبرة شبه منهكة ممزوجة بالمرح لا والله لسه لفينا كتير جدا لدرجة ان يوسف لازق دلوقتي ع الكرسي الكافيه بتاع المول مش راضي يقوم ف سبناه انا والبنات وبنلفلف نتفرج
ضحكت ريهام وأخبرتها بقلة حيلة معلش الفقري دا مش متعود علي كدا فالح بس في السفر مع صحابه
شاركتها ابريل الضحك لتغمغم بتأكيد اه والله
تحدثت ريهام بنبرة لطيفة معلش ماتزعليش مني عشان مجتش معاكي يا عمري
ردت ابريل متفهمة هو بجد كان نفسي تيجي عشان تختاري معايا لأن ذوقك علي طول جميل وبيعجبني جدا بس عارفة انك مشغولة في الاتيليه ربنا يكون في عونك
تابعت ريهام بلهجة لينة ناعمة تسلمي حبيبتي كنت بكلمك صحيح عشان اقولك ماتقلقيش بكرا الصبح بنت من الاتيليه عندي هتيجي تعملك بروفا الفستان ولو ليكي اي كومنتس قوليلها ونصلحوا!!
تمتمت أبريل بنبرة محرجة مليئة بالامتنان لأختها التي لم تقصر معها في شيء لكنها تفضل دائما التحجيم من عمق العلاقة بينهما ربما لأنها لم يتربوا مع بعضهم البعض أو لأنها لا تريد من أحد أن يفعل معها شيئا من باب الشفقة والتعاطف فكانت تخلق مساحة آمنة بينها وبين الآخرين لتحمي نفسها من الصدمات والمواقف المحرجة مش عارفة اقولك ايه شكرا يا ريهام تعباكي معايا
ردت ريهام بنبرة مؤنبة يتخللها الحنان بلاش عب ط يا توته كدا هتزعليني منك بجد هو في شكر بين الاخوات يا بنتي! بطلي الحساسية دي بقي ولا انتي لسه ماتعرفيش غلاوتك عندي قد ايه!!
أجابتها ابريل مبتسمة بصدق انتي كمان والله
زفرت ريهام الهواء بقوة وقالت بهدوء طيب اذا عوزتي حاجة اتصلي عليا اوكي!!
همهمت ابريل بالموافقة ثم قالت ابريل بسؤال تمام انتي وصلتي البيت بالسلامة!
أخبرتها ريهام بصوت مرتبك نوعا ما لا لسه ورايا شغل كتير في الاتيليه يلا هسيبكوا تخلصوا براحتكو باي باي يا روحي
أنهت ابريل المكالمة الهاتفية معها وهي تبتسم ابتسامة واسعة بإبتهاج يغمر قلبها باهتمام أختها بها ثم ذهبت لتنضم لأصدقائها مرة أخرى 
بقلم نورهان محسن
فى ذات الوقت
فى سيارة ياسر
يجلس ياسر ينقر بأصابعه على عجلة المقود منتظرا فتح إشارة المرور ليقول بضجر جلى وبجانبه يارا يبدو عليها أنها شاردة التفكير زمانهم وصلوا قبلنا علي المطعم بجد الزحمة دي بقت حاجة لا تطاق!!
مرت ثواني من الصمت فعقد ياسر بين حاجبيه متعجبا من عدم تعليقها على كلامه ونظراتها المستمرة للأمام فقطع الصمت صوته الرجولي المتسائل ايه السرحان دا كله !! مين واخد عقلك يا يويو!
خرجت تنهيدة خاڤتة من فمها أعقبها ردها الهادئ وهي تحدق خارج النافذة ولا حد مفيش!!
مط ياسر شفتيه بعدم اقتناع من ردها وعلق بجدية يشوبها الحيرة مالك بجد !! ولا خلاص بقيتي تخبي عليا!
أدارت يارا وجهها إليه واتسعت عيناها في نفس الوقت مع هز رأسها بالنفي وإجابته بتعجب من امتي بخبي حاجة عنك يا ياسر!
عاود ياسر ليسألها بإلحاح اومال مالك كدا متوترة ومابتتكلميش معايا مش زي عوايدك !!
هزت يارا كتفيها للأعلى ثم للأسفل وشبكت أصابعها ببعضها وتمتمت بإفصاح متعمد مفيش حاجة كل الحكاية بفكر هعمل ايه يوم خطوبتك!!
أدار ياسر المحرك وانطلق بالسيارة عندما فتحت الإشارة وهو يستفسر بغير فهم تعملي ايه في ايه!!
تمتمت يارا بنبرة متوترة أتقنتها ببراعة بصراحة شايلة هم اليوم دا انت عارفني مابحبش اكون وسط ناس معرفهاش ببقي متوترة ومش مرتاحة!!
استفهم ياسر بغرابة شديدة ايه اللي بتقوليه دا بس يا يارا !! ما انا هبقي موجود معاكي يا بنتي 
أشاحت نظرها عنه وهى ترسم علامات الضيق على وجهها بمهارة وزمت شفتيها لتقول بغير إقتناع معايا ايه بس يا ياسر!! دي ليلة خطوبتك وطبيعي هتبقي مشغول ومتشتت في مية حاجة وحاجة وانا هحس اني لوحدي وسطهم 
بدت علامات الدهشة على ملامحه لما قالته وكان ينظر إليها بين الحين والآخر بعينين ضيقتين لينهي قولها بنبرة معارضة مليئة بالثقة لوحدك ايه انتي هب لة يا
يارا !! مهما كنت متشتت علي قولتك هتفضل عيني عليكي ومهما كنت مشغول هفضل متابعك مش عايزك تقلقي ولا تشيلي هم حاجة
اختتم كلامه بابتسامة تلقائية تعلو فمه لتبادله إياها بسعادة داخلية قائلة بصوت ناعم مليئ بالمشاعر مؤجلة الظهور ربنا مايحرمنيش منك يا ياسر
نظرت يارا إلى الجانب من النافذة وتنفست الصعداء وشعورا بالرضا والراحة يغمرها بعد سماع كلماته الرقيقة لتتأكد أنه لا يزال يهتم بها وأن لها تأثير كبير عليه فهي لن تترك حبا دام سنوات عديدة من حياتها لهذا الرجل حتى تحظى به امرأة أخرى بكل بساطة حتى لو كان لا يعلم أنها تعشقه پجنون ولا تريد سواه أو تهتم بأي شخص آخر وحتى لو لم يكتشف بعد أنه يحبها كما تحبه فإنها ستبقى بجانبه ويكفيها ذلك مؤقتا حتى يفهم حقيقة مشاعره تجاهها بمفرده ويدرك
أنها فقط التى تهيم به عشقا وتهتم به وتحفظ أسراره وتحتوي حزنه وفرحه 
ستستمر في إخت لاق الأعذار والأسباب ليكون بقربها وتدريجيا ستف سد علاقته عن هالة التى يعتقد أنها المناسبة له واختارها هى ليخطبها ولم تستطع فعل شيئا سوى تهنئته بسعادة وداخلها يغلى بالغي رة والجوى لكنها على يقين أنه فى النهاية سيعود إليها 
أغمضت يارا عينيها مسترجعة ما فعلته اليوم إذ اخت لقت عذرا بأن سيارتها معطلة حتى تتمكن من القدوم معه فى الطريق إلى ذلك العشاء بدلا من هالة وتعلم جيدا أنها تتصرف بأنا نية ولكنها قررت الفوز على غريمتها مستخدمة الكيد الأنثوى ضدها وموقنة من إنسحاب الأخرى المؤكد وأنها ستفوز عليها فى هذه الحړب الباردة 
بقلم نورهان محسن
خلال ذلك الوقت
في منزل باسم
باسم مسترخى بجسمه على الأريكة بالعرض محدقا في السقف بصمت وأفكاره تسبح به في الفضاء الواسع حيث عاد بعد الموقف الذي تعرض له اليوم مع هيام ليوم كان يوهم حاله بأنه قد نساه لكنه محفورا في ثنايا ذاكرته رافضا أن يمر مرور الكرام على حياته 
حيث كان اجتاز امتحانات الثانوية العامة بنجاح وكان يطمح إلى دخول الجامعة حتى يتخرج منها بسرعة حتى يتمكن من التصريح لها بعشقها المستوطن أعماق قلبه وعندما ذهب إليها ليشاركها سعادته كان لدى ريهام مفاجأة كبيرة أرادت أن تعلنها له أيضا وهي خبر خطوبتها من شخص آخر فبدأت أعصابه بالإنهيار ويداه ترتجفان ولم يستطع التحكم فى لسانه وهو يخبرها عن حبه الخفي لها بين ضلوعه لتفاجئه أكثر باستهتا رها بما قاله دون أدنى اهتمام منها بمشاعره الصادقة تجاهها مسببة له چرح غائر فى صميم قلبه معللة له باستخفاف ضاحك دي مشاعر مراهقة يا باسم شوية وهتنساها هو صحيح احنا متعلقين ببعض من واحنا صغيرين بس انت بالنسبالي لعبتي الجميلة بتاعتي انا بس يوم ما افكر اتجوز طبعا هتجوز واحد ناضج واكبر مني يدلعني ويهتم بيا مش انا اللي العب دور مامته ولا انت نسيت اني اكبر منك بأربع سنين!!
كانت كلماتها مثل دلو مملوء بالثلج سقط فوق رأسه فتجمد للحظات بلا رد فعل فيما أحس أن قلبه هوى من بين ضلوعه واصطدم بأرضية صلبة لېتحطم إلى أشلاء لا تعد ولا تحصى فانهمرت دموعه الحارة من مقلتا عينيه لا إراديا من هول الموقف الذي وضع نفسه فيه بينما كان يشعر أن كرامته قد تمزقت إلى ألف قطعة أمامها ليبدو صغيرا جدا فى عين نفسه وتمتم بصوت مصډوم انا لعبتك يا ريهام!! انتي عارفة بتعملي ايه!! انتي بتد ب يني بس ينة تلمه وانتي ماتعرفيش قد ايه بحبك واعمل اي حاجة عشان خاطرك!!!
منذ ذلك اليوم انقلبت حياته رأسا على عقب وتغيرت شخصيته كثيرا حيث عزل نفسه في غرفته لفترة طويلة يرفض الخروج منها تماما يشعر أنه مهزوما ومكسورا ومجروحا ثم فجأة قرر الهرب والرحيل بعيدا وبالفعل سافر للدراسة في الخارج وأطلق العنان لجن ون الشباب بداخله ليقوده وهذا ما جعله أكثر اند فاعا وته ورا بلا حدود ليتخذ سباق السيارات السريعة هوايته الجديدة مع خروجاته التي لا تعد ولا تحصى مع الفتيات مما أدى ذلك إلى كوارث خط يرة أهمها فقدان صديقه المقرب في حاډث بعد أن فقد السي طرة علي السيارة وهو لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره مما سبب له أزمة نفسية حادة لمدة عام كامل وبصعوبة تمكن من العودة إلى طبيعته وهذه المحڼة لم تجعله يطوي صفحة ريهام من حياته إلى الأبد فحسب بل بات ينظر إلى هذا الماضي كنقطة سوداء ورغم بشا عة ما حدث معه لكنه أيضا كان أكبر دافع لحياته حتى يقتلع عم بعض العادات المتهورة وركز على مستقبله ثم عاد إلى مصر وعمره 27 عاما وهو مخرج إعلانات مشهور وناجح في مجاله 
وبعد مرور عام على عودته انفصلت ريهام عن زوجها وعادت للتقرب منه مرة أخرى بعد أن انبهرت بجاذبيته الفائقة وشخصيته الجديدة التي لا
تقاوم متفاجئة بوسامته الرجولية المه لكة التى تضاعفت جراء نضوجه 
فهم بعد ذلك أنها أقنعت والدتها بشراء فيلا في نفس المجمع الذي يقطن فيه مع عائلته بحيث يكون أمامها طوال الوقت لكنه صدها
بقوة وكانت هي السبب الرئيسى فى إنتقاله للعيش في منزل آخر بعيدا عن عائلته لكي يتخلص من رؤيتها وليس كما يعتقد الجميع أن سبب نزو اته التي لا نهاية لها لكنه لا يحتاج لذلك حقا وهو غير سعيد بما يفعله لأنه في حاجة إلى الشعور السعادة الحقيقية لكنها مستمرة فى الهروب منه وربما لن يتمكن من الحصول عليها طيلة حياته 
تعرف بعد ذلك على رزان التي كانت تطمح أن تكون عارضة إعلا نات وقضى معها عدة أشهر ولم تمل ريهام من مطاردته وعندما شعر أنه على وشك الضعف تجاهها من جديد قرر الإرتباط برزان بشكل مؤقت حتى يقطع على ريهام طريق العودة 
عاد باسم إلى الواقع على صوت جرس الباب فاعتدل في جلسته ونظر إلى ساعة معصمه ليجد أن الساعة قد قاربت التاسعة مساءا ليفكر في هواية طارق الذي أتى في هذه الساعة ولا يعتقد بأنه خالد فهو مشغول اليوم بتأليف إعلان جديد 
نهض باسم من مكانه ليتجه نحو الباب بخطوات متثاقلة وحين فتحه ارتسمت علامات الصدمة على ملامحه لأنها خرجت من أفكاره لتتجسد بقامتها أمام منزله 
نهاية الفصل الحادي عشر
رواية جوازة ابريل
نورهان محسن

 

21  22 

انت في الصفحة 22 من 22 صفحات